الجمعة، 10 فبراير 2012

نقص الاكسجين ولا نقص الضمير

 
 
يقال إن أحدهم أقسم للخليفة الراشد عمر بن الخطاب بأن هذه أول مرة يفعل فيها الفعلة.. فما كان من سيدنا عمر رضي الله عنه إلا أن قال: والله إنها ليست الأولى إن الله يسترك في الأولى وفي الثانية أما الثالثة فلا.
خرج أمس تقرير اللجنة التي كونها السيد وزير صحة ولاية الخرطوم في قضية شغلت الناس هي وفاة ثلاثة أشخاص بمستشفى بحري.. وحسنًا فعل أن كوّن لجنة لتقصي الحقيقة وتمليكها للناس حتى ولو كان رئيس اللجنة هو المستشار القانوني  في واحدة من قضايا مؤسسات الوزير الخاصة.
واعتراف التقرير بأن هناك قصورًا إداريًا في مستشفى بحري وعد الوزير بتلافيه بعد هذا الاعتراف كيف يحتفل مستشفى بحري بالبراءة المنقوصة ويوزع العاملون فيه الحلوى وتزغرد النساء دون شعور بحزن أهل الموتى الذين مات واحد منهم على الأقل لأن أحد المسؤولين كان «بهظر» وقال ما تجيبوا أوكسجين. يا ربي هل كانت الحلوى من جيب هذا «المهظراتي»؟
كل هذا يهون مع اعتراض اثنين من أعضاء اللجنة على التقرير، وقالوا هذا التقرير ليس هو التقرير الذي أعددناه وأدخلت عليه فقرة بعد توقيعات أعضاء اللجنة.
 نقتبس:« والمرجح أن سبب الوفاة لأحد المرضى هو الالتهاب الرئوي الاستنشاقي ولا يمكن الجزم بأن عدم توفر الأوكسجين هو السبب المباشر للوفاة». وأضاف العضوان في اللجنة فى بيان ممهور بتوقيع الفاتح محمد الأمين، د.ياسر ميرغني أن الصحيح هو «أن الأوكسجين كان غير متوفر في قسم الطوارئ عند حاجة المريض المتوفّى إليه».
انظر الفرق ويا للهول!
ذكرتني هذه الحادثة واحدة أكبر منها قانون قانون عديل خرج من إحدى المؤسسات ووصل للمؤسسة الأكبر منها قانون آخر وقامت الشمطة بعد إجازة القانون وجاء أصحاب المؤسسة الأخرى هذا ليس القانون الذي خرج منا.
من هاتين الحادثتين نستشف أن الإجراءات الفنية والإدارية ناقصة وتتطلب مراجعة ولا نترك أن يكون الضابط هو العلاقات السودانية العاطفية والثقة المطلقة في كل من تجالسه لساعة أو ساعتين.
لو كنت عضوًا في هذه اللجنة لما اكتفيتُ بالتوقيع على التقرير النهائي فقط بل لطلبت أن يوقع كل أعضاء اللجنة على التقرير الختامي ويستلم كل منهم نسخة عليها كل التوقيعات. وعلى مقرر اللجنة أن لا يزيد ولا ينقص حرفًا من الصيغة الختامية، الممهورة بتوقيعات كل أعضاء اللجنة.
من هنا أقترح إعادة هذا التقرير وتكوين لجنة لمعرفة من أضاف في هذا التقرير من وراء أعضاء اللجنة. وأن يشرك الطب الشرعي في أي لجنة من هذا القبيل لاحقاً وهذا ما خلت منه هذه اللجنة رغم اعتراف اللجنة بالقصور الإداري والذي لم يُطلعنا الوزير متى وكيف سيعالجه، ولا نشك في خبراته الإدارية. الوزير مأمون حميدة ملأ الساحة شهرةً في مجال الطب  تعليماً وعلاجاً وهو الآن أمام تحدٍ كبير جداً وله من الخصوم والمنتقدين عدد لا يستهان به من زملاء مهنته والصحافة التي كال لها بالعيار الثقيل بالأمس.
أما أنا فسأصبر إلى أن أرى ما أُريد على الساحة الطبية فإن أصلحها لا يضره خصومه.

ليست هناك تعليقات: