السبت، 18 فبراير 2012

البرلمان أمسك يدك

> إلى الخبر:
 «قال رئيس لجنة العمل بالبرلمان الفاتح عز الدين في تصريحات صحفية محدودة، إن قرار تصفية كل الشركات الحكومية قرار «ناجز وقاطع» لا تراجع عنه، وأكد على أن الجهود جارية للتصفية، وكشف الفاتح عن رفع لجنته توصية للمالية بتصفية كل الشركات الحكومية دون استثناء، وأوضح أن عمليات التصفية ستتم عن طريقين: الأول عبر المسجل التجاري مباشرة وبرعاية المالية، والثاني عبر لجنة التصفية».
للأمانة بداية الخبر تتحدث عن تعديل قانون الشركات لعام 1925م، هذا القانون الوحيد الذي لم تطله يد التعديل منذ صدوره في الربع الأول من القرن الماضي. ومئات المرات سأل الناس عن قوة صمود هذا القانون ضد التعديل كل هذه الفترة الطويلة.
بقدر حلاوة الجزء الأول تأتي مرارة الجزء الثاني وخصوصاً عبارة «دون استثناء» هل يستطيع السيد الفاتح عز الدين هذا؟ وهل هو مطلوب؟ أم هي عبارة في لحظة حماس؟ وسؤالنا الأول هل سيصفي السيد الفاتح عز الدين مطابع العملة السودانية ويملكها للقطاع الخاص؟ وعندما يأتي أوان طباعة العملة يطرحه في عطاء لتفوز به شركة مطابع العملة قطاع خاص وتأتي مطابع مثل التمدن ومطابع السوق العربي لتسأل لماذا لم نفز وتقدمنا بعروض أقل سعراً؟
 وهل يجرؤ على دخول هيئة التصنيع الحربي ويخصخصها؟ وبعدين تقوم الحكومة في اللحظات الحرجة وفي منتصف الليل تصحي صاحب شركة كده وكده تقول ليهو نحنا عايزين كده وكده هسع دي. ويرد عليهم صاحب شركة كده وكده: تعالوا بكرة أنا هسع ما فاضي.
 ما هذا التعميم المخل؟ ومن قال إن كل الشركات الحكومية خاسرة وتحتاج لتصفية أو خصخصة. وأقل عارف بالاقتصاد يعرف أن شركة النيل للبترول مثلاً شركة ناجحة في مجالها وليست محتكرة لسوق، وليست خاسرة، وتؤدي للحكومة خدمة لا يمكن أن تقدمها كل الشركات التجارية الأخرى المثيلة. ولكنها في ظل هذه «الدغمسة» تم تقييم أصولها بما لا يرضي المراجع العام، وأدخل فيها شركاء من شاكلة النطيحة والمتردية كيف؟ ولماذا؟ ومتى؟ كل هذا يحتاج إلى سؤال ومحاسبة من جهات مخلصة لهذا الوطن، وتحرس مقوماته، وأول ما يجيب على سيل الأسئلة هذه هو المراجع العام.
يا سيادة الفاتح عز الدين عندما تحدث الناس عن الشركات الحكومية وطالبوا بخصخصتها، في بالهم هذه الشركات التي أقعدت القطاع الخاص، وقامت بدون طلب من جهة عاقلة، ولم تحدد لها إدارت مقتدرة، وإنما بأموال الدولة رسملت وخربت الاقتصاد وأفقدت الحكومة ملايين الدولارات لم تظهر لها فوائد إلا على القائمين عليها.
يا سيادة الفاتح أرجو أن تكف يدك عن كثير من الشركات الاستراتيجية، وإن كان في لجنتك خير فقط ابحثوا عن شركات التي وصفناها بالتي قامت بلا ضرورة تذكر. ومن تلك الضرورات التي تجعل الحكومة تدخل السوق، أن الحكومة تدخل السوق في حالتين عندما يكون الأمر يمس أسرار الدولة كمصانع العملة والأسلحة والامور الحربية كلها. أو عندما تريد أن تعلم القطاع الخاص ما لا يعرفه، وتنسحب بعد أن تحقق هذا الهدف. أما أن يأتي الفاتح ويقول بلا استثناء، ففي الأمر استعجال لا تحمد عقباه.
أو قد يكون «كلام ساكت».
غداً بإذن الله رسالة من خبير عمل «29» عاماً في شركة النيل للبترول.

ليست هناك تعليقات: