الثلاثاء, 22 تشرين2/نوفمبر 2011
يبدو أن القطن سيصبح له نصيب الأسد في كتاباتنا، من حرصنا وحبنا له.
وكلما فرح الفرحون بموسم القطن هذا ــ ونحن منهم ــ إلا وقلنا انتظروا النهايات كيف سيوزن؟ وكيف يفرز؟ وهل سيكون السعر مجزياً؟ وهل ستكون التكلفة واضحة أم سنجد بنداً مبهماً اسمه أعمال شمعون؟ وهل ستدفع شركة الأقطان فوراً أم على التراخي؟
كل هذا كوم ولكن موضوع اليوم عن مهنة الفريزين، فهذه المهنة يكتنفها خطر كبير ومن عدة جوانب. أولها ليس في كل جامعاتنا وكليات زراعتنا هذا التخصص، وكل الفريزين في السودان درسوه في الخارج، وخصوصاً في مصر وجامعة الإسكندرية على وجه الخصوص، أو دول أخرى منها بريطانيا وألمانيا.
عدد الفريزين الذين على قيد الحياة في كل السودان 117 فريزاً، يعمل منهم الآن فقط خمسة، وكل البقية بلا عمل وذلك لعدة أسباب. هذه المهنة قريبة من القضاء وهي التي تحكم في نوع القطن من عدة وجوه ومراحل فرز القطن الزهرة والقطن الشعرة، ولكل منهما درجات يعرفها هؤلاء الفريزون.
هل رأيتم من استأجر قاضياً ليقضي له في قضاياه، يعني هل يمكن أن تخصخص المحاكم، مثلاً يأتي متهم ويقول أنا لا أريد هذا القاضي وعندي قاضٍ خاص مستأجره من حر مالي. هذا ما تفعله شركة الأقطان بالضبط.. استأجرت فريزين اثنين فقط ليفرزوا القطن في كل مراحله، وهذا مستحيل طبعاً. ومعلوم أن القطن ملك للمزارع، ويجب أن يأتي طرف محايد يقول هذا القطن فرز كذا، ويحدد السعر على هذا الأساس، وبموجب شهادة هذا الفريز تدفع الشركة السعر المتفق عليه لكل فرز. أما أن يكون القاضي موظفاً لدى شركة الأقطان فهنا خلل واضح مهما كانت ثقتنا في هذا الفريز التابع للشركة. والفريز يجب أن يكون محايداً، ولا بد من جسم معترف به يضم هؤلاء الفريزين، ومن صيغة لتقديم هذه الخدمة تتفق عليها كل الأطراف.
وفي الماضي كان هؤلاء الفريزون عنصراً فاعلاً وموجوداً في إدارة مشروع الجزيرة وفي المحالج. وفي ظل قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005م وأيلولة المحالج لنقابة العاملين وشركة الأقطان، لم يجد هذا المؤهل من يبحث عنه، وكان الواجب أن يسأل عن هذا الحكم هل هو المزارع أو اتحاده، ولكن مصيبة المزارع هو أن الاتحاد الذي يطالب له بحقوقه رئيس هذا الاتحاد هو نفسه رئيس مجلس ادارة شركة الاقطان، فهو المشتري الأول «إذا دفع سعراً مجزياً وإلا السوق مفتوح أمام المزارعين». ويبقى الأمر الأكثر أهمية أن الفرز في كل مراحل القطن تنبني عليه حقوق المزارعين، وهو أيضاً شرط لا يستغني عنه المشتري الداخلي ولا المشتري الخارجي. ونحن في زمن البار كود (bar code) هل يعقل أن يصدر قطننا بلا خدمات الفرز.
الأمر أكبر من أمر مائة متخصص عاطلين عن العمل، بل هم مبعدون عن العمل، فالأمر أمر مهنة ستضيع من بين يدي الوطن، وقد نبحث عنها يوماً ولا نجدها، في وقت يجب أن نكون فيه قد قطعنا شوطاً طويلاً، وصرنا مرجعاً في فرز القطن.
ادركوا الفريزين واجعلوا لهم جسماً معترفاً به.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق