الأحد، 15 يناير 2023

الجازولين أولى بالتخفيض

 

 

 قرأت حكمة أعجبتني تقول إن المسؤول الكبير أراد زيارة منطقة في نواحي القضارف وسأل الضابط الإداري: ترى ماذا سيطلبون منا. قال الضابط: قطعًا يطلبون مدرسة وشفخانة (استعمال كلمة شفخانة مما يدلل على أن الرواية قديمة).

اجتمعوا بالمواطنين وسألوهم ما مطالبكم؟ قال كبيرهم نريد تراكتور ليساعدنا على زيادة المساحة المزروعة فالحرث بالدواب لا يساعد على توسعة المساحات المزروعة. ينتبه المسؤول الكبير ويرمق الضابط الإداري بنظرة. ويسأل ثم ماذا؟ نريد لوري ننقل بيه محاصيلنا إلى سوق القضارف حتى لا نقع فريسة للسماسرة والوسطاء. ثم ماذا؟ يردون: لا شيء. ألا تريدون مدرسة ولا شفخانة؟ لا لا إن نحن زرعنا بالتركتور ورحلنا باللوري سنبني المدرسة ونبني الشفخانة وربما نرصف الطرق. (الطرق دي نجرتها أنا من عندي).

من الحكمة أعلاه نستشف أن تحريك المجتمع ليقوم بواجبه ويحدد أولوياته ومتى ما تعافى المجتمع ودخل في حركة نشطة من زراعة وأشهر محركات المجتمع السوداني هي الزراعة فإذا ما نشطت وزادت المساحات المزروعة وعبّدت أمامها كل العقبات التي تبعدها عن المنافسة العالمية والمحلية مما يضمن جودة التسويق إذا ما توفر كل ذلك سيتحرك قطاع النقل والصناعات والتجارة كل هذه مرتبطة بالزراعة.

من عوائق الزراعة الآن – قلت من ولم أقل كل – من عوائقها التحضير الجيد والذي تضاعف عشرات المرات بعد رفع الدعم عن الجازولين. تلى غلاء التحضير غلاء الترحيل وأيضًا بسبب ارتفاع أسعار الجازولين مما عرّض الكثير من المحاصيل للتلف في مكانها وخصوصًا التي تحتاج إلى تخزين خاص.

نكتفي بآثار الجازولين على التحضير والحصاد والترحيل على الزراعة.

في مقال سابق طالبت بمعالجة للجازولين حتى يكون للزراعة جازولين خاص وبسعر خاص تفاديًا للتهريب وتوظيفه وقودًا للسيارات. ولم يسمعني أحد أو لم يرد أحد. أخيرًا ظهر ما لم نسمع به منذ أن قمنا في هذه البلاد وهو تخفيض البنزين والجازولين ليست الدهشة في كلمة تخفيض وهي تستحق الدهشة لكن المفاجأة كانت أن أصبح سعر الجازولين أعلى من البنزين لأول مرة في حياتنا.

لا أشك لحظة في أن السبب أن منتج المصفاة من البنزين يكفي للاستهلاك المحلي ولكن الجازولين يحتاج إلى إضافة بالاستيراد. في رأيي المتواضع هذا المنطق يحتاج معالجة بالأخذ من سعر البنزين وتعويضه للجازولين حتى يصبح سعر الجازولين معقولًا ويعيد حركة الزراعة والنقل والصناعة وتدور الحياة كما كانت أو أكثر.

من عوامل الركود الاقتصادي الحالي سعر الجازولين الذي انعكس على كثير من أوجه الحياة. فهل نجد من يسمعنا أم أن الابتسامات العراض التي اعتلت وجوه أصحاب المركبات الخاصة بعد تخفيض سعر البنزين تكفي.

هذا كلام مراقب لا يفهم كثيرًا في مصطلحات الاقتصاد من ناتج قومي، وتضخم، وكساد، وركود اقتصادي وهلمجرا ولكن الذي أمامي كل هذه المسغبة من عدم نزول متخذ القرار إلى القواعد ويعرف ما بها. وبيت القصيد ومهلك الاقتصاد الأول الإنفاق الحكومي.

أفصحوا لنا كم تستهلك مركبات الحكومة من الوقود بشقيه في الشهر؟

 

ليست هناك تعليقات: