الأحد، 15 يناير 2023

مع كتاب “ذكرياتي”

 

 

 

تداولت المجالس والمواقع والمنصات الحديث عن كتاب “ذكرياتي” للبروفسير احمد الأمين الشيخ أو مستر أحمد الذي صدر حديثاً. فما كان من المهندس مصطفى إبراهيم الا ان اشترى عشر نسخ ووزعها على أصدقائه وكان نصيبي منها واحدة مشكوراً. وصلتني نسختي وبدأت في القراءة . وهو من الكتاب التي اذا بدأته لا تستطيع ان تتركه وتعود اليه. وما قولك اذا كان كاتبا المقدمة هما بروفسير عبد اللطيف سعيد والدبلوماسي خالد موسى . (خطرت لي خاطرة ان انزل كل مقدمة عبد اللطيف هنا ولكني استحييت).

بعد قراءة عشرات الصفحات وجدت ان العين لم تعد تحتمل واكثرت من الدموع لصغر الحروف.

رجعت إلى ب.عبد اللطيف سعيد يا أخي ما عندك نسخة إلكترونية من الكتاب soft copy ولم تكن عنده. عدت بذاكرتي لمحادثة هاتفية في 2016 يوم كتبت مقالًا بعنوان (ظلموا طبيب القلب) الذي هو أخوه د.عبد الله. كتبت لمستر احمد رسالة أنى اريد الكتاب الكترونيا لعلة في عيني وجزاه الله خيرا ما هي الا ساعات وكان الكتاب عندي وكبّرته على شاشة الكمبيوتر وسهرت معه سهرة جميلة.

كتب ذكريات المشاهير والعظماء كثيرة في العالم لكنها قليلة في السودان ربما ذلك لتواضع اشتهر به السودانيون ولكنهم أسرفوا في التواضع لدرجة ضياع الحقوق. اذكر هنا ندوة في مركز الملك فيصل بالرياض العاصمة السعودية في ثمانينيات القرن الماضي المتحدثون ثلاثة سعودي وفلسطيني وبروفسير محجوب عبيد طه (رحمه الله) وجاء دوره وقال عبارة لا انساها (بما اني اقل المتحدثين علماً) ويشهد الله بث علماً استعصى على الكثيرين فهمه.

نعود لذكريات السودانيين على قلتها والتي قال عنها عبد اللطيف سعيد قوتها في صدقها وضرب مثلاً بمذكرات بروف قرشي محمد علي (على اكتافهم) – سبق ان كتبت عنه ثلاث مقالات – ومستر أحمد الأمين الشيخ (ذكرياتي) فكلا العالِمين عاشا طفولة قاسية وفقراً مدقعًا ولكنهما اثبتاه في ذكرياتهم بكل شجاعة وقوة. بالله هل هناك صدق أكثر من ان يقول مستر احمد انهم كانوا يمشون عراة حتى دخول المدرسة وفرحتهم بالمدرسة من اسبابها (العراقي). وبروف قرشي الذي كان يقوم باشق العمليات الفلاحية المسح والقليع. لك ان تتخيل كان ذلك في قرى مشروع الجزيرة والتي يخرج منها القطن الذي يحمل كل السودان وهذا حال أهلها.

يصعب ان الخص او اقتطف من كتاب (ذكرياتي) أي فقرة فكله يستحق النقل لذا عليكم به كله من المكتبات. لكن المفاجأة بين النسخة الورقية والالكترونية ان الورقية زادت على الالكترونية فصلاً عنوانه (مأمون حميدة المفترى عليه) لو لا تعليق ابنتي د.هبة التي اعقبتني على قراءة الكتاب ورقياً لفاتت عليَّ. في الفقرة أنصف الرجل زميل دراسته وصديقه ايما انصاف وذكر له من المحاسن والصفات ما يجهلها كثير من الناس. وترك مجالاً ليختلف الناس معه في سياسته اثناء توليه وزارة الصحة بولاية الخرطوم والتي هي السودان تقريباً.

سير العظماء يجب ان تدرّس ويكون لها نصيب في المناهج ولا يكتفى بها للتسلية.

ليست هناك تعليقات: