عقلية العاصمة
أولاً
لن يسألني أحد عن مصدر معلومتي لوقلت ثلث سكان
السودان في الخرطوم ، لأن الاحصاء متباعد ولا يقوم في زمانه بحجة الفقر و الفقر
يولد الفقر.
لو أن جهاز الاحصاء المركزي مد متخذ القرار منذ زمن
كافي بما سيؤل اليه امر العاصمة لاتخذ من القرارات التي تجعل البنية التحتية مفيدة
في كل مناحي الحياة (طبعا هذا بافتراض متخذ القرار مؤهل ويعرف ما يريد ولا هم خاص
له ولحزبه إلا الاصلاح وعمارة الأرض ونهوض هذا البلد البارك).
منذ الاستقلال لو ان عاقلاً قرأ المستقبل وهندسة
المدن لما اصبحت العاصمة عشرات الكيلومترات شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وهي بلا
مواصلات وبلا مترو ولا صرف صحي ولا إمداد مياه وبعد ما يقارب السبعين سنة تجد ان
مشكلة المواصلات هي مواعين المواصلات عشرات الانواع من بصات كبيرة ومتوسطة وصغيرة
ومايكرو وركشات وجابت ليها تكتكات (المايكرو بص هي ما يسمى بالامجاد).
منظر الناس وهم في انتظار المواصلات هذه الايام يُقطع
القلب والشوارع تعج بالمركبات الخاصة والتي لجأ اليها الناس رغم غلاءها وذلك نسبة
لسوء المواصلات العامة وندرتها وترديها عاما بعد عام . ولا حل استراتيجي ينتظرها
كل ما جاء سياسي بدأ من الصفر وهمش ما وجد من ارث من سبقوه وكأنه المجدد وما هي
الا ايام ويغرق في الخاص ويظل كل تفكيره هل سيقى في المنصب في التعديل القادم (
ستبقى وان فشلت سيجدون لك مكان غيره فحواء السودان لم تلد الا مئة او مئتين قابلين
للتدوير وقول نعم 20 مرة لا لا 20 20 مرة.
ما جعل العاصمة
ملجأ لثلث سكان السودان هو عدم توازن التنمية والخدمات لو وجد كل مواطن
الخدمات الاساسية من ماء وكهرباء وتعليم وعلاج لما نزح لعاصمة هي من اقبح عواصم
العالم رغم الانهار التي تجري فيها ، وليس هناك من يبحث في حل المشكلة من جذورها.
وألمدهش أن هناك اولوية لهذه العاصمة في ايام العسر
هذه فاذا شح الغاز، او البنزين او الجازولين (أو كلها كما هو الحال الآن) قالوا
الخرطوم اولاً ولا عزاء للولايات وهذا
واحد من الاسباب التي تجعل كل من حول العاصمة يذهب اليها ليأخذ حصة الوقود التي
يريدها مما يدل على خطل قرار الخرطوم اولاً لماذا لا يدرس قرار التوزيع قبل صدوره؟
لن اذهب لدستور يساوي بين الناس خرطوميون وارياف في
الحركة والمواطنة ولكن من باب حسن الادارة ان يُدرس كل قرار قبل صدوره وما من
عاصمة الا ولها ارياف تمدها في لحظات السلم بالخضر والالبان ومنافع كثيرة كيف
تتنكر العاصمة لمن حولها في ساعات العسر؟
رب قائل هنا تتخذ القرارات الأمنية التي لا تعرف الا
الهدوء وتخشى الاحتجاجات وبئس المنطق هذا . ايما بالون ينفخ ويستمر فيه النفخ سينفجر
يوما ما.
أوقفوفا النفخ حتى لا ينفجرالبالون..
مصادر 17/5/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق