الاثنين، 21 مارس 2022

من فضائح المناهج

 

كدت أصاب بصدمة حين عرضت عليّ أبنتي كتاب اللغة العربية للصف الثاني الابتدائي المقرر على ابنتها ذات الست سنوات ونصف. خصوصاً الدرس التاسع ص 95 بعنوان (نعم للسلام لا للحرب). رجعت لصفحات الكتاب الأولى لأرى من هم العباقرة الذين وضعوا هذا المنهج ومن راجعه. للأسف لم أجد أسماء بل وجدت (أعدت الكتاب لجنة من المعلمين والخبراء بتكليف ومتابعة واشراف من المركز القومي للمناهج والبحث التربوي) إذاً الواضعون مستحون من ذكر أسمائهم. ذهبت الى المقدمة علّي أجد اسم تربوي نلومه على هذا الفعل المشين. في نهاية المقدمة كتبوا (المؤلفون) وهذه يجب ان تكتب اذا كان المؤلفون تم ذكرهم.

أحقاً طُبع هذا الكتاب ووزع على المدارس وطلبوا من المعلمين تدريسه لهؤلاء الصغار؟ كيف تذكر لطفل الثاني الابتدائي هذه الكلمات التي لا يعرف معناها؟ مثل النظام البائد، الثورة المجيدة، القنابل، الحرب وتذكر له مناطق دارفور النيل الأزرق والنزوح ما بقي للسياسي الغبي واضع هذا الدرس الا ان يكتب لهم كل كوز ندوسو دوس.

بالله وصل الكيد السياسي ان يحطم كل الثوابت؟ المناهج أليست علم  مختص يقوم بها علماء المناهج ويقوم به تربويون لهم اهداف عامة وليس اهداف سياسية رخيصة وموقتة؟  لنترك هذا السياسي الذي كتب هذا الدرس ألم يجد رجلاً يقول له هذا عيب  كبير حشر السياسة في المناهج بهذه المباشرة الفجة وغير المناسبة لهذا العمر؟

وأسوأ ما في الدرس فقرة تقول (وبعد قيام الثورة بدأت مفاوضات السلام واوقف إطلاق النار وسوف يوقع السلام قريباً ويعود الناس .....) بالله هذا منهج تعليمي ام نشرة اخبار وأين موقع قريبا في منهج يفترض ان يستمر عدة سنوات؟ ولا نريد ان نقول لواضع الدرس السياسي الفطير قصير النظر أها وقعت اتفاقية السلام الحق أكمل الدرس ومر على كل مدارس السودان وقل لهم الحاصل.

هل فقدنا العقلاء الى هذا الحد؟ ولم يجد هذا العبث من يوقفه قبل الطباعة؟ يا اخ انا نفسي قام شاركوني المأساة اليكم  النص  ....

(أشعل النظام البائد الذي أطاحت به ثورة ديسمبر المجيدة الحرب في دارفور وجبال النوية والنيل الأزرق وبسبب هذه الحروب الجائرة قتل كثير من الناس وهرب بعضهم وترك أهل القرى مساكنهم ومزارعهم وأصبحوا نازحين لا مأوى لهم لا يجدون مستشفى يتعالجون فيه ولا مدرسة يتعلم فيها ابناؤهم وكانوا في كل يوم يسمعون صوت الرصاص والقنابل وكان هؤلاء النازحون يسألون متى نعود الى قرانا الجميلة ومزارعنا الطيبة؟

وبعد قيام الثورة بدأت مفاوضات السلام واوقف إطلاق النار وسوف يوقع السلام قريبا ويعود الناس الى قراهم وهم فرحون حيث يعمرون أراضيهم ويزرعونها وتظهر السنابل وتختفي القنابل ورقصت الفتيات فرحا وابتهاجاً بالسلام وهن يرددن. نعم للسلام لا للحرب. نعم للسنابل لا للقنابل).

أتربويٌ الذي كتب هذا الدرس؟ ارجال هم الذين تركوا هذا الهراء يُطبع داخل مقرر دراسي؟

هل فقدنا الثوابت؟.


صحيفة السوداني 19/3/2022

ليست هناك تعليقات: