السبت، 23 يوليو 2016

الحديد المقشور

13-07-2016
كتبت في الأسبوع الماضي عن الحديد تحت عنوان الحديد القطني متناولاً قائمة المصانع غير المطابقة للمواصفات والمقاييس في الحديد وعددها 16 مصنعاً. كتبت عن كيف تعاملت الجهات الرسمية مع هذه المصانع غير المنضبطة أو المخادعة وكتبت عن تهديد وزير مجلس الوزراء الهش (لا أريد أن أقول المائع).
كنت أخشى سقوط المباني على رؤوس ساكنيها من الغش في الحديد. غير أن المعلومات التي جاءتني بعد ذلك تقول لا تقلق لن تسقط المباني ولكن الذي سقط فعلاً هو القيم والأخلاق والأمانة ونبت بديلاً لها الجشع والكذب وأكل المال الحرام. بالله أيهما أكثر خسارة للمجتمع سقوط المباني أم سقوط القيم الفاضلة.
جاءني أن الغش في الحديد بدأ بطلب من بعض التجار يوم عرفوا أن السيخ لا يباع بالطن وإنما بالعدد فوزنوا طن الحديد 3 لينة مثلاً ووجدوه 90 سيخة والمستهلك فهم ذلك وصار لا يزن وإنما يطلب طنا أو اثنين ويحسب له السيخ بهذه المعادلة التي اشتهرت طنين 180 سيخة ثلاثة 270 سيخة مثلاً.
ذهب تاجر لمصنع مشهور وطلب منه أن يجعل الطن 100 سيخة حتى يربح هو عدد 10 سيخات. للأسف وافق المصنع وقلل سماكة الحديد وجعل نصف القطر أقل وزاد العدد استمر هذا الوضع ووجدت كثير من المصانع أنها لن تنافس ما لم تنزل لرغبة التجار (الذين لا يخافون الله، هم بس).
اكتشفت هيئة المواصفات والمقاييس اللعبة وتصوروا ماذا فعلت. هل أوقفت المصنع ستة أشهر كعقوبة؟ هل أعدمت كل الإنتاج وأجبرت المصنع بإعادة صهره من جديد؟ هل طافت على السوق وصادرت وإعادة كل الحديد المقشور؟ لم يحدث ذلك بل طلبت من المصنع أن يعلن في الصحف أن سماكة حديده كذا وليس كذا واعتبرت الهيئة هذا حل المشكلة ونامت في العسل ومنذ ذلك اليوم الذي برأت الهيئة نفسها بهذا الحل الغريب والحديد في حالة تباري في الغش طن مصنع س 100 سيخة وطن مصنع ص 110 سيخة وهكذا.
بالله هل حل الإعلان في الصحف أليس أميع من تهديد الوزير؟ هؤلاء التجار لا يعرفون إلا المال يخافون الخسارة اكثر من خوفهم من الله لذا كان يفترض ان تكون العقوبة على قدر الجُرم أن يغرم كل تاجر 10% من رأسماله بقدر المال السحت الذي حشره في جوفه غشاً وظلماً.
وبعدين حكاية لينية وبوصة دي الى متى ألم تلغ هيئة المواصفات والمقاييس النظام البريطاني واستبدلته بالنظام المتري قبل عشر سنوات تقريباً. متى يحل الملميتر (ملي) محل اللينية ومتى تختفي الياردة والقدم والرطل والجالون؟ بريطانيا صاحبة النظام تخلت عنه وبقي التابعون (بالله الاستعمار بعمل عمايل عجيبة طويلة المدى، في السياسة والثقافة والتعليم).
متى يكون هناك حديد موزون بالطن ومقاس بالملي ومكتوب على كل سيخة طولها وقطرها؟ ومن يخالف يحمى السيخ وتكوى بها يده وجبينه.

ليست هناك تعليقات: