السبت، 27 يناير 2018

ناظر المدرسة النساي


بسم الله الرحمن الرحيم


ناظر المدرسة النساي

ارادت قرية فقيرة ليس بها مدرسة تعليم أبنائها بنوا مدرسة متواضعة على قدر حالهم وطلبوا من الجهات المختصة ناظرا للمدرسة كبداية وافقت الجهات المختصة بمدهم بناظر للمدرسة بشرط ان يتولى أهل القرية سكنه وإعاشته.
سكن الناظر بالقرية واندمج مع أهل القرية في سرائهم وضرائهم ورضي بمعيشتهم وغذائهم المتواضع جداً أكل معهم العصيدة وشرب الروب واستحم بالجردل وكان محبوبا ومندمجاً مع المجتمع. علاوة على المعيشة كانوا يمنحونه في آخر العام الدراسي مبلغاً متواضعا لقضاء اجازته مع أهله وشوية ملابس وسمن.
في السنة الثانية جاء معه مدرس آخر واستمر اهل القرية في إسكان واطعام الناظر والمدرس الجديد، غير ان الناظر لم يعد بذاك الصفاء واندماج العام الماضي لأهل القرية وبدأ انحيازه للمدرس الجديد اكبر وولاء المدرس الجديد للناظر وخدمته له جعلت الناظر في أول درجات سلم التعالي.
على هذا المنوال كل سنة يزيد عدد المدرسين مدرسا ويصعد الناظر عتبة من عتبات سلم التعالي ويزيد الضغط على سكان القرية الذين عليهم إعاشة كل هيئة التدريس وامتيازات آخر العام من مبالغ إضافية ونفقات سفر وملابس وسمن.
الذي زاد من ضيق أهل القرية بالناظر والمدرسين أنهم لم يكونوا مخلصين في تعليم أبنائهم وأولادهم شبه اميين ولم ينجح منهم أحد في منافسة مدارس المنطقة المحيطة بهم. وانشغل المدرسون بأشغالهم الخاصة منهم من طلب من أهل القرية مزرعة وصار كل وقته في مزرعته ومنهم من ربى أبقاراُ أعطاها من وقت المدرسة الكثير وثالث فتح دكاناً.
أما الناظر فصار لا يعرف أهل القرية ولا يشاركهم فرحا ولا كرها ويتلقى أخبارهم من المدرسين والفراش. والمدرسون المستفيدون من تغييب الناظر عن أهل القرية يوهمونه بأن الناظر يجب ان يكون شخصية مهابة ولا يحادث العامة ولا يشاركهم حياتهم وبيته يجب ان يكون مختلفا عنهم ومحروساً حتى لا يصل منهم أحد.
ضاقت الحال وتعب اهل القرية من إعاشة الناظر والمدرسين وكان الناظر في مطلع كل سنة دراسية يجهز قائمة باحتياجات هيئة التدريس المالية ويطنطن اهل القرية ويرددون (يوما اسود الخلانا نطالب بمدرسة).
عندما ابدى اهل القرية امتعاضا في بداية سنة ما لكثرة ما فرض الناظر عليهم من مال اجتمع الناظر بالمدرسين وقال لهم في نبرة غاضبة هؤلاء الأهالي لا يستحقون مدرسة أصلا ما داموا لا يستطيعون ان يدفعوا نفقات وامتيازات هيئة التدريس وقال:هم عايزين يعلموا أولادهم  ببلاش؟ هنا كبر المدرسون (الله اكبر الله اكبر )  استغرب حتى الفراش هذه التكبيرات في هذا الوقت بالذات وهم يعلمون ان الأهالي يقطعون لهم من جلودهم ومن دمهم ولم يبق الا العظم الذي يصعب القطع منه فلما التكبير.
بلغ الخبر أهل القرية وقالوا جملة واحدة (نسي الرجل حاله يوم جاءنا في اول سنة؟).


ليست هناك تعليقات: