بسم الله الرحمن الرحيم
متى يضع الرئيس تحت الأقامة الجبرية؟
الحبيب بورقيبة رئيس الجمهورية التونسية، حكمها ثلاثين سنة
(1957-1987)، وتشبه بالزعيم التركي كمال أتاتورك، فأطلقت عليه ألقاب كثيرة مثل:
"المجاهد الأكبر" و"صانع الأمة".
قال عنه الكاتب التونسي
الصافي سعيد صاحب كتاب "بورقيبة.. سيرة شبه محرمة": هو "أكثر من
رئيس وأكبر من عاهل بكثير، لقد جمع بين يديه دفعة واحدة سلطات الباي والمقيم العام
الفرنسي".
انقلب عليه رئيس
وزرائه زين العابدين بن علي، وعزله بعد مرضه وكبر سنه، ووضعه قيد
الإقامة الجبرية إلى أن وافته المنية.
من أسرة ليبية الأصل متوسطة الحال.
التوجه الفكري: لم يكن له توجه فكري واضح، والثابت عنده هو التمسك بالسلطة
والكرسي، إذ اتبع النهج الاشتراكي في أول الستينيات وخاصة في تدبير القطاع
الفلاحي، وغيَّره في آخرها إلى الليبرالية اقتصاديا والاستبداد المطلق سياسيا: دخل العمل السياسي عام
1933 من بوابة الحزب الحرّ الدستوري التونسي الذي كان يقوده عبد العزيز الثعالبي،
لكنه سرعان ما تركه وأسس مع آخرين: الحزب الحر الدستوري الجديد في 2
مارس/آذار 1934.
عارض رفيقه صالح بن يوسف
(الأمين العام للحزب الحر الدستوري الجديد) المعاهدة، ووصفها بأنها رجوع إلى
الوراء، مما تسبب في انشقاق الحزب إلى فريقين ودخولهما في صراع شرس.
على المستوى الداخلي،
سارع إلى القضاء على معارضيه وخصومه السياسيين بما فيهم رفاق الكفاح من أجل
الاستقلال، وخاصة من عرفوا بـ"اليوسفيين"، أي أتباع صالح بن يوسف
الذي اغتيل في فرانكفورت بألمانيا في أغسطس/آب 1961.
جمّد بورقيبة نشاط
الحزب الشيوعي عام 1962، وحارب فيما بعد الإسلاميين (حركة الاتجاه الإسلامي وحركة
النهضة لاحقا) ونكّل بهم بعد فترة وجيزة من الهدنة استثمرها في حربه على
المعارضة اليسارية التي شلّ فاعليتها وألغى الحريات الأساسية وفرض الرقابة
على الإعلام.
أقر نظام الحزب الواحد
وتحالف مع الاتحاد العام التونسي، وشرعن ذلك بتعديل دستوري في 27 ديسمبر/كانون
الثاني 1974 سمح له برئاسة الدولة مدى الحياة.
تعامل مع المظاهرات
بقبضة أمنية حديدية وأبرزها مظاهرات 3 يناير/كانون الثاني 1984 التي قامت بسبب
ارتفاع سعر الخبز وعرفت بـ"ثورة الخبز" وراح ضحيتها المئات.
وبينما أقرَّ مجانية
التعليم وإجباريته، أجهز على مؤسسة الزيتونة الإسلامية، وكان أصدر من قبل عام 1956
مجلة أحوال شخصية قضت بتحريم تعدد الزوجات وسمحت بالتبني، وأغلق المحاكم الشرعية
وأغلق الديوان الشرعي، ووحد القضاء وفق الطريقة الفرنسية.
وبينما بنى علاقات قوية
مع الأنظمة الملكية، عرفت علاقته بالمعسكر القومي بقيادة جمال عبد الناصر توترات
مستمرة بسبب عدد من مواقفه، من قبيل دعوته الفلسطينيين في خطاب له بأريحا في 3
مارس/آذار 1965 بقبول قرار التقسيم مع مواصلة الكفاح، والاقتداء بالتجربة التونسية
في التحرر.
بعد كبر سنه وتردي وضعيته الصحية، انقلب عليه وزيره الأول (رئيس
الوزراء) زين العابدين بن علي، وأعلن نفسه في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987 رئيسا
جديدا للجمهورية التونسية.
وضعه قيد الإقامة
الجبرية في مسقط رأسه المنستير، وحجب أخباره عن الإعلام إلى أن وافته المنية
يوم 6 أبريل/نيسان 2000، إذ منع بن علي الإعلام الأجنبي والتلفزيون التونسي
من نقل أخبار عن جنازته أو عرض فيلم عن حياته، كما منع بعد ذلك الاحتفال بذكرى
وفاته.
منقول من النت بتصرف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق