على غير المعتاد في مثل هذه الأيام، أيام حصاد القمح بمشروع الجزيرة، تجد حديث الناس ومشكلتهم تأخر البنك الزراعي المعهود له بشراء المخزون الإستراتيجي من القمح. وكانت مشاكل مثل هذه الأيام تراكم الشاحنات أمام المطاحن والصوامع للتفريغ لعدة أيام. وكانت مقترحاتنا أن يرحل القمح سائباً، وليس بالجوالات.
دنيا، المشكلة التي أطلت برأسها هذه الأيام اعتذار وزارة المالية من توفير مال لشراء القمح، وأول ما يخطر على بالك وزارة المالية ما عندها قروش للتعليم، وما عندها قروش للصحة، وما عندها قروش للدواء، طيب عندها قروش لشنو؟ بتودي قروش رفع الدعم دي وين؟
الغريب أن البنك الزراعي السوداني الذي مول القمح يطالب المزارعين بدفع التكلفة نقداً، وليس عيناً، كما جرت العادة منذ عشرات السنين. وهذا الطلب طلب سداد التكلفة نقداً، إن استجاب له المزارع، سيجعل سعر القمح متدنياً جداً وسيشتريه الأغنياء برماد الفلوس، وبلغة السوق (يفطسوا) السعر ويخزنونه ليوم آتٍ لا يهمهم متى يكون، وبذا سيستفيدون أضعاف فائدة المزارع إن بقيت له فائدة تذكر، وسيباع القمح بأقل من سعر الذرة هذه الأيام، ونضيف لقفشات الزراعة التي كان يعير بها أهل الولاية الشمالية أهل ولاية الجزيرة يوم كانوا يستغربون كيف يبيع المزارع قمحاً ليشتري ذرة، ويعتبرون ذلك من نقصان العقل (طبعاً لا يفكرون في مناخ ولا طبيعة البشر وما تحتاجه للتغذية من مكان إلى مكان، إذ الذرة تناسب أهل الوسط، والدخن أهل الغرب، والقمح أهل الشمال، وهذه أقدار الله في خلقه.
نحن الآن أمام مشكل حقيقي يفترض أن يكون لولاة الأمر من شواغلهم إن حقاً يعتبرون الزراعة مورداً مهماً. رب قائل إن السعر التركيزي الذي حددته وزارة المالية (43) ج للجوال زنة (100) كلحم سعر أكثر من السعر العالمي، (سعر الطن اليوم 1010$) يعني الجوال (101) دولار، كم سعر الدولار اليوم ليكن (500) ج، يعني السعر العالمي بدون ترحيل (50.5) ألف جنيه، أكثر من سعر التركيز والسبب الحرب على أوكرانيا.
لا شك أن القمح الوطني يتفوق على المستورد بعدة مزايا أولها، حسب علمي المتواضع، خلوه من التلوث والإشعاعات الضارة والرطوبة الزائدة من جراء الترحيل في المحيطات والبحار، وهناك قطعاً عدة صفات أخرى يعرفها أهل التخصصات. يكون جميلاً لو اشترى البنك الزراعي القمح كالعادة قبل أن يخزن في مخازن المزارعين المستطيعين انتظاراً لوقت ترتفع فيه الأسعار، ويبيع المزارعون الضعفاء لسد حاجتهم بأسعار بخسة، وربما نفروا من زراعة القمح في المواسم القادمة.
لابد من أن يستلم البنك الزراعي التكلفة عيناً، وإلا فلن يجد من يسدد له نقداً، ويبدأ المسلسل البائخ المطاردة والحراسات، ولا داعي لمطاردة المنتجين والسكوت نحو عصابات السلب والنهب.
الخميس، 21 أبريل 2022
قمح الجزيرة الباير
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق