بسم
الله الرحمن الرحيم
كما
يقول مقدمو برامج القنوات التلفزيونية بعد ان ينكدوا عليك بإعلانات تجارية مكررة
او ترويج لبرامج قادمة يعلمون ان لا فرق بينها والذي مضى ويكونوا قد تيقنوا ان
المعاك وصلت الحد ينطوا عليك بكلمة واحدة في الشاشة :
عدنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا.
في هذا الشهر اطلقت جامعة الخرطوم إذاعتها على
الموجة إف إم 93.3 ونتمنى لها من قلوبنا ان تكون على قدر جامعة الخرطوم وتأتي بما
لم يأت به الاوائل إذ لا مجال فيها لغناء هابط ولا رصين نريدها إذاعة تحقق أهدافها
تربط الجامعة بالمجتمع وهذا ما فقدته الجميلة ومستحيلة زمناً وتفوقت عليها فيه
جامعات تعد حديثة بالنسبة لها جامعة الجزيرة مثالاً.
كل
هذا ليس موضوعي اليوم ولكن بمناسبة افتتاحها كتب الاستاذ عبد الرحمن العاجب في
صحيقة اليوم التالي (قبل أربعة عقود مضت وبضعة شهور خرجت من جامعة الخرطوم انتفاضة
عارمة ضد نظام مايو أطلق عليها وقتها ثورة شعبان المجيدة، وأطلق رئيس اتحاد الطلاب
آنذاك الراحل أحمد عثمان مكي من خلال إذاعة الجامعة التي ابتكرها عدد من الطلاب الأذكياء
من كلية الهندسة لتكون أول إذاعة سودانية غير رسمية تطلق صوتها ونداءها لجماهير الشعب
السوداني وأحزابه السياسية من داخل أسوار الـ(جميلة ومستحيلة).
لست شاهد عيان ولكن كمشارك في الحدث ثورة
شعبان لم تنطلق من جامعة الخرطوم وإنما بدأت من معهد المعلمين العالي وكانت أسباب
الثورة التغيرات التي طرأت على نظام المعهد من تحويل المقبولين فيه من موظفين
برواتب الى طلاب بإعانات مالية تنقص 10 جنيهات عن الموظفين ومشكلة أخرى مشكلة
الشهادة التي يمنحها المعهد لطلابه والتي كتب في أعلاها منتسب لجامعة الخرطوم. هذه
هي اسباب إضراب طلاب معهد المعلمين العالي واعتصامهم بالمعهد عدة أيام. وهذا لا
يعني أن السياسيين كانوا محايدين بل استغلوا تحرك معهد المعلمين وجعلوا منها ثورة
على نظام نميري. ليس هذا موضوعنا ولكن موضوعنا الاذاعة.
قبل الاعتصام بشهر تقريباً اقامت جمعية الفيزياء بالمعهد معرضها
السنوي وكان مشرف الجمعية الاستاذ ( حينها) البروف ( الآن) محمد حسن أحمد سنادة
ورئيس الجمعية كاتب هذه السطور لعدة دورات. كان معرض الفيزياء معرضاً مشوقا يعج
بالزائرين سنويا تعرض فيه الجمعية حينها ما هو من المقرر الدراسي وكثير من خارج
المقرر وكان المعهد غنيا جدا بالأجهزة والوسائل التعليمية لا مجال لذكر الاجهزة
هنا لكثرتها. في ذلك المعرض عرضنا من جملة المعروضات إذاعة موجة قصيرة مداها حوش
المعهد وسمعها كل الطلاب.
وعندما اعتصم الطلاب بالمعهد وارادوا
ان يوصلوا رسالتهم لكل المواطنين ولم تكن هناك انترنت ولا واتساب ولا sms
كان لابد من الاستفادة من الإذاعة وجيت بها ومددنا الهوائي ورفعناه فوق صهريج
المياه وصرنا نتصل على الهاتف اتصال عشوائي: افتح الراديو على الموجة القصيرة
والتقط اذاعتنا وبالفعل سمعت كل العاصمة إذاعتنا بعد رفع الهوائي فوق صهريج الماء
وكانت إذاعة حماسية جدا مليئة بالأناشيد الوطنية والشعر وجاد الشعراء بشعر جديد
وقديم ومقدمات البرنامج كن رائعات جداً لا اريد ان أذكر الاسماء فقد انسى بعضهن
وهن الان حبوبات. واستمرت الاذاعة طيلة ايام الاحتلال الذي حير امن نميري.
إذاً الاذاعة التي انطلقت في شعبان يا استاذ عبد الرحمن العاجب لم تكن من
صنع أذكياء كلية الهندسة ولم تكن من الخرطوم بل كانت من معهد المعلمين العالي الذي
اصبح كلية التربية بعد شعبان. والفضل بعد الله لمشرف الجمعية صديقي واستاذي أ.د
محمد حسن احمد سنادة وأعضاء جمعية الفيزياء وأخيراً رئيسها.
الصيحة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق