الخميس، 23 يونيو 2016

اعتبروا من الأوربيين!

 23-06-2016
شغلت الهجرة من إفريقيا إلى أوروبا كل دول الاتحاد الأوربي وبالأكثر المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط اليونان وإيطاليا مثالاً. حملت الأخبار في الأشهر الماضية أن الأوربيين أرادوا تجفيف منبع الهجرة بدلاً من تعقب المهاجرين غير الشرعيين الذين لا يخافون على حياتهم من ركوب البحر بمراكب غير آمنة. وعند وصولهم إلى السواحل تدخل الحكومات الأوربية في صراع أخلاقي مع شعوبها من مُنكِر لطرد المهاجرين وموافق عليه وتجنيسهم أو اعتبارهم لاجئين فارين من بلاد لم تُحترم إنسانيتهم.
لذا عقدت عدة اتفاقيات مع دول منبع تهريب البشر أو الاتجار بالبشر كما يسمونها وقدمت مغريات حتى تجفف منابع الهجرة في إريتريا والصومال والسودان وغرب إفريقيا وكل الدول الفقيرة أو الدول سيئة الإدارة والتي تفقر بسوء إدارتها شعوبُها.
جعلت الدول الأوربية هذا الحل كحل وحيد ولكنها لم تسأل نفسها لماذا هاجر الناس إليها؟ ولماذا هم متطورون وفي رغد من العيش والحضارة وغيرهم متخلف وفقير؟ وليتهم سألوا أنفسهم ما مصدر ثرواتهم ومن أين جاءوا بها؟
هذه الدول الأوربية كانت دول مُستعمرة نهبت خيرات هذه البلدان الإفريقية نهباً وبنت بها حضارتها المادية وأصبح الفرق كبيراً بين الحاليْن فقر وتخلف وموارد مسروقة وثروات منهوبة وتجهيل وأسواق قسرية لبضائع خاماتها من إفريقيا.
إذا أرادت أوروبا وقف الهجرة الشرعية وغير الشرعية عليها أن تنهض بهذه الدول وترد لها ما سرقته منها أيام الاستعمار وعليها أن تُوجِد التوازن في العالم ولا يمكن أن تتكسب من تخلف غيرها إلى الأبد فللناس عيون وبعض من عقول، رضي السارقون أم أبوا لابد أن تهب ثورة الجياع على من سرقها وما الهجرة والتطرف إلا بداية وربما تكون هناك أدوات أخرى الله أعلم.
هذا في الدول ونفس هذه الصورة الكبيرة العالمية يمكن أن تصغر في البلدان وداخل كل قطر مختل التوازن الاقتصادي أي فيه أغنياء جداً وفقراء جداً لن يهنأ الأغنياء طويلاً بأموالهم أيَّاً كانت مصادرها.
كل من يريد أن يستمتع بالحياة الرغدة فلينظر حوله وقبل أن ينظر حوله عليه أن يبحث في مصدر ثرائه إن كان من أفواه الجياع فلن يهنأ طويلاً إن لم يكن بفعلٍ على الأقل بوخذ الضمير. بالله كيف يسكن هؤلاء القصور وحولهم من يتضور جوعاً ويلسعه البرد لسعاً؟
الاقتصاد الجيد هو الاقتصاد المتوازن وديننا الحنيف جعل في الأموال حقاً معلوماً للسائل والمحروم.. هذه الأموال الحلال فكيف بالأموال المغصوبة؟
بالله لو أخرج أغنياء السودان زكاتهم على الوجه الصحيح 2.5% من كل مال حال عليه الحول هل سيبقى في السودان فقير؟
على كل اقتصاد غير متوازن، عالمي أو محلي، أن يبحث في الحلول طويلة الأجل وهذه الحلول الفطيرة ما هي إلا مسكنات لا تحل المشكلة قبضوا العصابات أم لم يقبضوها، ستخف ولكنها لن تجف.

ليست هناك تعليقات: