الثلاثاء، 27 أغسطس 2013

بنك السودان على الخط

  الإثنين, 26 آب/أغسطس 2013 

الأخ الكريم/ أحمد المصطفى إبراهيم،
عطفاً على مقالكم بتاريخ 19 أغسطس بجريدة «الإنتباهة» بعمود «استفهامات» بعنوان «التمويل الأصغر، «كده صاح»،  ورد الدكتور علي محجوب عطا بتاريخ 22 أغسطس بعنوان «التمويل الأصغر بعيون جديدة» يسرني أن أدلو بدلوي في هذا الموضوع المهم  لمصلحة القارئ. أبدأ بمقولة بروفيسور محمد يونس مؤسس تجربة «جرامين» والحائز على جائزة نوبل للسلام إن القضاء على الفقر يتطلب فقط تغييراً في «مؤسساتنا» و«سياساتنا»، وأن الناس يمكن أن يغيروا من طريقة حياتهم إذا كانوا يجدون التمويل من مؤسسات تعمل بصوره صحيحة ومربحة. لذا اتفق معكم بأن تجربة مؤسسة الجزيرة من التجارب الجيدة الرائعة التى غيرت في تفكيرها وسياساتها وفهمت كيفية تسخير التمويل الأصغر لخدمة القطاعات الإنتاجية حسب الميزات النسبية لهذ الولاية الرائدة في العمل الزراعي، كما اتفق أيضاً مع ما جاء في مقال الدكتور محجوب بأنه ليست هنالك مشكلة في الموارد بل في طريقة تسخيرها للتخفيف من حدة الفقر وتوفير فرص العمل، حيث أن المستغل من موارد محفظة التمويل الأصغر المصرفية لم يتجاوز  نسبة «42%» مما هو متاح من المحفظة المصرفية للتمويل الأصغر، وإن قيام وكالة ضمان التمويل الأصغر بالجملة أتى كآلية ضمان للاستفادة من بقية النسبة المقررة عبر تمويلات من المصارف لمؤسسات التمويل الأصغر التي لا تقبل الودائع خصماً على نسبة الـمحفظة المخصصة للتمويل الأصغر.
أداء هذه المؤسسات في مجملها جيد ونسبة زيادة عددها بلغ  نحو «80%» بين منتصف 2012 ومنتصف 2013 حتى بلغ إجمالي عددها «18» مؤسسة حاليا، «78%» منها خارج ولاية الخرطوم مما يعطيها بعداً ولائياً. فضلاً عن أن أداءها في نسب تعثر العمليات أفضل من المتوسط العالمي، وأن عدد المستفيدين من خدمات هذه المؤسسات نما بنسبة أكثر من «200%» في الفترة بين  النصف الأول من الأعوام «2012- 2013» ووصل إلى  نحو ربع مليون عميل قائم في يونيو 2013، بينما نمت تمويلاتها بأكثر من «100%» في نفس الفترة.
تجربة التمويل الأصغر بمؤسسة الجزيرة، كغيرها من التجارب الناجحة في كثير من مؤسساتنا العاملة في التمويل الأصغر والقائمة حالياً على المستويين الولائي والمركزي، عملت بمقولة إن امتحان بداية المشروع واستمراريته بدون مساعدة هو أكبر دليل على نجاحه، فضلاً عن حسن إدارة ومتابعة المؤسسة لعملياتها والتشديد على أن التمويل الممنوح هو نشاط تجاري بشروط ميسرة وليس منحة، لذا فقد كان المردود على الإنتاج والإنتاجية العالية والجهة المستهدفة، وكذلك على المؤسسة في شكل عائد جيد يضمن استدامتها مردوداً واضحاً للعيان، إلا أنه يحتاج فقط لتوسيع قاعدت انتشاره، ولكن بنفس هذه الأسس الجيدة.
بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم،
رئيس وحدة التمويل الأصغر
بنك السودان المركزي
تعليق الاستفهامات:
شكراً جزيلاً بروف بدر الدين على هذه المعلومات المطمئنة والقواعد بخير والأرض معطاءة والماء والحمد لله في الأرض وفي السماء ووراء الخزانات. ونسأل الله أن تكفر محفظة التمويل الأصغر ذنب محفظة الزراعة في التسعينات التي أفقرت المزارعين وكرهتهم في الزراعة وعادت إلى التمسايح.
يبدو أننا «مسكنا الدرب» فخير الزراعة بشقيها هو المخرج وأي جنيه يصرف عليها سيعود خيراً كثيراً، والزراعة محرك اقتصاد قاعدي. فقط الثقة والتطوير والانضباط، وما دام على رأس الأمر مثلكم ود. المتعافي مقتنع ومؤسسة الجزيرة للتمويل الأصغر، نستبشر خيراً. وفق الله الجميع للنهوض بالزراعة.
بريد:
كثرت الشكوى من «4848» بلاغات الكهرباء. أليس هناك من يراجع هذا التردي في هذه الخدمة؟

الاتصالات والمواصلات

  الأحد, 25 آب/أغسطس 2013

مخطئ من يظن أن الاتصالات هي التواصل الصوتي فقط، أي الحديث بين طرفين ولا يهمنا درجة أهمية هذا الحديث. أي حديث عن ثورة الاتصالات يجب أن يُربط بسؤال أي فائدة جنيناها منها وأين مكمن عدم الفائدة منها؟
إذا ما استخدمنا هذه الاتصالات استخدامًا صحيحًا لما كانت هذه الشوارع والطرق تعج بهذه المركبات. كثير من هذه المركبات تحمل أناسًا لأغراض يمكن أن توفرها الاتصالات، وذلك لا يتم إلا بمجهود لنشر فائدة الاتصالات.
مازال استخدام الإيميل ضعيفًا وذلك لعدة أسباب بعضها يمكن أن يفرض فرضًا وبعضها يعالج بالتدريج. لا يُعقل أن تتحرك سيارة أو موظف من وحدة إدراية لرئاسة المحلية لتوصيل خطاب أو تقرير أو أي مكاتبة وبنفس القدرة الاتصال بين المحلية والولاية والولاية ومؤسساتها. عدم استخدام الإيميل في المكاتبات ضياع جهد ومال ووقت وكلها موارد يجب أن يحافَظ عليها.
هذا مما يفرض بالأمر متى ما ضُبط موظف يحمل ورقة مسافر بها بين مدينتين يجب أن يُعاقَب أو ألّا تُستلم منه ويعود من حيث أتى ويعلم كيف يرسلها بالإيميل وإن كررها يُفصل ويحل محله من يجيد استخدام الإيميل.
والذي يحتاج لرؤية مثل التقديم للحج والذي نجمت عنه كارثة حجاج القضارف هذا يجب أن يأتي من عل، مثلاً تصمِّم هيئة الحج والعمرة التي أدمنت التخلف والفشل وعلوق الشدة أن تصمِّم موقعًا يقدِّم عبره كلُّ من يرغب في الحج ولعشر سنوات قادمة مثلاً وتحدد أولوية الحجاج عبر البرنامج حتى لا يحج أحدهم عشرين مرة وآخر لا يحج أبدًا ولعدة أسباب لا داعي لذكرها، لها يوم آخر. وإذا ما أتقن هذا العمل ولم يلتفت من ولي أمره لقول خاملي الفكر الذين يعيشون على التخلف متحججين بعدم انتشار الإنترنت أو استخدامها إذا فعل ذلك سيوفر عدالة يباركها الله ويقلل جهدًا وتعبًا لا معنى لضياعهما سدى. هذا وإذا ما قُرن تسديد رسوم الحج بحساب بنكي موحد تسدد عبره الرسوم من أي مكان في السودان ولا تحمل كما كوم المرارة وتسلب وتنشل في أقرب ركن أو زحمة سنكون وفَّرنا آلاف الجنيهات وعشرات الأيام وخففنا الطرق والمدن من زحمة لا معنى لها. الحج هنا مثالاً ومثله عشرات الخدمات يمكن أن تقدَّم من البيت عبر الإنترنت فقط تريد همة وممارسة ليست عسيرة على جيل اليوم.
 أما الذي يحتاج إلى تدرج فهو بعض المسؤولين هداهم الله يعتبرون سؤالك عن إيميله أو إرسال رسالة له عبر الإيميل فيها تقليل من مكانته ودائمًا ما تجد عبارة تعال لي بس انت تعال ومعاك الخطاب. يا أخي عايز بي شنو؟ ما الخطاب يمكن يجيك بالإيميل وخلاص. وربما يجهل كثير من الإداريين استخدام الإيميل ولكن يجب أن يُفوِّضوا إن هم عجزوا سكرتاريتهم.
طلب مني مسؤول بعد أن بدأنا نقاشًا في موضوع هام طلب أن آتيه في مكتبه لنكمل، قلت له يا أخي الدخول إلى مكاتبكم صعب ودونه متاريس بالله لو عرفت إيميله أو لو أعطاني كرته لشرحت ما تبقى من نقاش ولم أستطع تلبية الدعوة إلى يومنا هذا خوفًا من أسئلة انت منو؟ عايزو لي شنو؟ وعندك موعد؟ وبعد أن تجيب عن كل هذه الأسئلة يقول لك السيد الوزير في اجتماع أو قال اليوم ما عايز يقابل أحد عنده تقرير يعده لجهة عليا مثلاً أو الوزير مسافر.
ما لم تخفف الاتصالات المواصلات فنحن أمة طق حنك وسفيهة تضيِّع أموالها في ما لا فائدة منه.
اليوم استعرضنا خدمة الإيميل فقط كفائدة معطَّلة يجب تنشيطها. وقد نتطرق لخدمات أخرى يمكن أن تقلل المؤتمرات وتُخلي القاعات وتقلِّل الأكل والشرب والبنزين. ما لم يكن هناك مستفيدون من التخلف يقاومون.
أخيرًا دعونا نشكر شركات الاتصالات التي ما بخلت على مواطنها بخدمة إلا أدخلتها زين وسوداني مثالاً وتركت ما تبقى على المستهلك.

المعلمون وتحدي الصعاب

 السبت, 24 آب/أغسطس 2013

قبل ثلاثة عقود تقريباً لم تكن المملكة العربية السعودية كما هي اليوم، وكان جنوبها، كعادة «الجنوبات في كثير من الدول العربية»، أكثر تخلفاً. وفي قرية من قرى الجنوب السعودي مدرسةٌ كلما وجه لها مدرس جاء بعد زيارتها رافضاً العمل فيها ولو أدى ذلك لإنهاء عقده وإرجاعه إلى بلده الذي منه أتى، وكان معظم المدرسين في ذلك الزمان من فلسطين ومصر والسودان «الترتيب على حسب الكثرة».
 وفي مطلع عام دراسي وجهت إدارة التعليم لتلك المدرسة عدداً من المدرسين وعادوا أعقابهم يرفضون العمل فيها، وجاء للإدارة معلمون سودانيون، وقالت الإدارة فلنجرب لعل وعسى أن يرضى السودانيون بهذه المدرسة، فوجهوا مدرسين اثنين من قدامى المعلمين لتلك المدرسة، وذهبوا ولم يعودوا كما جرت العادة مع الجنسيات الأخرى.
 وبعد عدة شهور قرر مدير التعليم أن يذهب ويرى بنفسه ما خبر هؤلاء السودانيين. ويا لهول ما رأى وسمع، فقد وجد هؤلاء المعلمين لم يتركوا في يومهم فراغاً وصاروا يدرسون الأطفال صباحاً ويمحون أمية الكبار، ويعلمون النساء ما فاتهن من فقه وتعاليم صلاة، وعلموا الشباب لعبة كرة القدم، وصارت القرية كلها كخلية نحل لا فراغ ولا وقت للبكاء على ما هم فيه من بعد المكان وبعد الاسواق وملذات الحياة. ولم يقارنوا بغيرهم واعتبروا أنفسهم أمام تحدٍ لصعاب هم أهل لها، وما كانوا يرجون شكراً من إدارة التعليم وما فكروا في عائد مادي. ولكن مسؤول التعليم شد على أيديهم وثمن جهدهم واعتبر كل الشهور التي قضوها براتب آخر يسمى «الليلية» وهي محو أمية يختار له بعض المدرسين ويفضل فيه السعوديون على غيرهم ليضاعف لهم راتبهم نظير العمل الليلي.
 وهذا مثال جيد لتحدي الصعاب، وإذا ما سمعت مسؤولاً يتحجج بقلة الإمكانات ويجلس واضعاً يداً على خد يسب من جاء به الى هذا المكان ويده لا تفتر عن كتابة الخطابات والطلبات ولم يحرك ما بيده أو ما هو متاح اليه ينتظر الحلول الجاهزة، فلا ترجى منه خيراً، وأنت أمام رجل غير مبدع ولا خلاق وما أكثرهم.
تذكرت هذه القصة بعد أن قرأت بالأمس لصديقي د. عبد الماجد «ثالثة الأثافي» على يمين هذه الصفحة، التي تحدث فيها عن المدرس الذي جعل من المدرسة حديقة وغابة خضراء في قرية لا بئر فيها، وكيف كان يطلب من كل تلميذ أن يأتي بزجاجتي ماء من بيته للمدرسة.
في كلا الروايتين البطل أو الأبطال مدرسون «وهنا يأتي الانحياز العلني للمهنة بلا أدنى خجل»، وهل مازال هذا الصنف من المدرسين موجوداً أم قلت فيهم البركة والغيرة والريادة ككثير من الموظفين؟ وهل سبب هذه البطولات التأهيل على تحدي الصعاب؟ أم الفطرة السليمة والاندماج مع المجتمع الذي كان مغلقاً هي ما تولِّد هذه المبادرات؟ وهل التواصل والقنوات والاتصالات وانتشار المعرفة قللت من الاندماج وانعدمت المبادرات الفردية؟ هل وسائل الاتصال الحديثة جعلت الناس في شوق للتساوي، وعندها تكون الحاجة للقدوة الحسنة خير المرمى الذي منه تنطلق المبادرات، وعندما انعدمت القدوة الحسنة وكثر التهافت على الدنيا ضُيعت الآخرة؟
فلنبدأ من القواعد، فقد شبعنا تنظيراً بلا تطبيق في كل شيء، فلتكن البداية من قواعد المجتمع.

التمويل الأصغر بعيون جديدة

  الخميس, 22 آب/أغسطس 2013

عندما تأتيك رسالة ممنْ له دكتوراة في التنمية الاقتصادية تشيد بالتمويل الأصغر وتشيد بما كتبناه عن التمويل الأصغر، لا تملك الا ان ترفع قبعتك وتنحني كما يفعل الخواجات؟ إليكم هذه الرسالة المسؤولة وشكراً د. علي محجوب عطا المنا وكيل وزارة السياحة والآثار والحياة البرية.
الأخ الكريم/ أحمد المصطفى إبراهيم
سلام الله عليك
 وبعد، فقد طالعت مقالكم المهم جداً في عمودكم المقروء «استفهامات» بصحيفة «الإنتباهة» بتاريخ الاثنين 19/أغسطس/2013م بعنوان التمويل الأصغر «كده صاح»، وأحمد لكم اهتمامكم بمتابعة نتائج ما تكتب وما تقترح. وتبين أن ما يخطه يراعك ليس أداءً للالتزام المهني بالكتابة اليومية، بل هو التزام وطني وفكري وأخلاقي بقضايا الوطن والمجتمع. وأتابع باهتمام كبير ما تكتب أنت والأخ الصديق البروفيسور عبد اللطيف البوني حول مشروع الجزيرة، وأنا لست من سكان الجزيرة أو مزارعيها،  وذلك لما نعلمه ويعلمه الجميع من التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للمشروع ودوره في حياة المجتمع السوداني، ودعمه لموازنات الحكومات المتعاقبة إلى ما قبل سقوطه الأخير.
وأنا على قناعة تامة بأنه ليست في السودان مشكلة موارد إطلاقاً، وإنما تكمن العلة في كيفية إدارة تلك الموارد بالرؤية العميقة والتخطيط السليم. وما أثرته في مقالك حول توظيف تجربة التمويل الأصغر في ما هو أكثر فائدة انما هو ضوء في نفق الضياع الذي «حُشر» فيه ذلك المشروع العملاق مبنى ومعنى. التمويل الأصغر فكرة خلاقة لدعم الإنتاج وتوفير فرص العمل، ولكنه يكون أكثر فائدة إذا تم توظيفه لدعم القطاعات الإنتاجية القائمة التي كشفت عنها تلك التجربة المدهشة في مشروع الجزيرة، فتلك التجربة جعلت لنا أملاً في أنه من الممكن الإصلاح والنجاح إذا توفرت شروطه. والمساحة التي قامت عليها التجربة كانت محدودة والرجال الذين نفذوا تلك التجربة ربما كانوا فريقاً متجانساً آمنوا بفكرة النجاح وقبلوا التحدي وأخلصوا النية، فكان توفيق الله تعالى حليفهم. واقترح أن يكون التوسع في المساحة بذات قواعد التجربة وحيثياتها بالتدرج، وأن يتأكد القائمون عليها بتوافر شروط النجاح في كل خطوة، لأن التجربة مع حداثتها تحتاج إلى التركيز. وتحتاج إلى ذات الصنف العنصري البشري وذات التصميم والإرادة والعزم على النجاح. وتحتاج إلى تدريب العناصر البشرية الجديدة على التجربة وعوامل نجاحها والايمان بمقاصدها، وتحتاج إلى قرار حاسم ليوقف تعارض المصالح الشخصية مع المصلحة العامة، واعداء النجاح كثيرون. والأستاذ إسحاق أحمد فضل الله يكتب كثيراً عن وأد التجارب الناجحة ومصلحة البلاد والعباد فوق الجميع.
كاتب هذا المقال أحد المهتمين بقضايا التنمية الاقتصادية في السودان ومشكلاتها وكيفية النهوض بها، وقد استشعر الآن رجاءً في القلوب أن يتعافى ذلك الصرح الشامخ ويعود عطاءً ورخاءً، وتمنى ذلك لأهل الجزيرة واقتصادها ومجتمعها، وقد كشف لنا مقالك المخبوء عن ذلك النجاح الواقعي والعملي بعيداً عن التنظير الذي لا يشخص العلل على حقيقتها فيكون العلاج غير مناسب للمرض. وواضح جداً من تلك التجربة أن المشكلة تمكن في الإنسان ومدى جديته وإرادته وتصميمه وعزمه على النجاح، واتباع كل وسائله بتجرد بعيداً عن كل ما يكون سبباً للفشل.
وأكرر سعادتي بذلك النجاح لأنه أعطانا أملاً في المستقبل، وأتمنى منك المتابعة والتقويم، وستكون تلك التجربة إماماً يقتدى في أعمال أخرى.. ووافر شكري وعرفاني لأولئك الجنود المجهولين القائمين على أمرها.
د. علي محجوب عطا المنان
دكتوراة في التنمية الاقتصادية

الجامعات والكليات العشوائية

  الأربعاء, 21 آب/أغسطس 2013

في منتصف يونيو الماضي خرجت علينا وزارة التعليم العالي بإعلان يحذِّر الطلاب وأولياء أمور الطلاب من الالتحاق بجامعات وكليات غير معترف بها من قبل وزارة التعليم العالي، ولن تعتمد شهاداتهم بكل أصنافها دبلوم، بكالريوس، وما فوق. وانتقدنا ذلك الإعلان نقداً لاذعاً وقلنا إن هذه الجامعات ليست تحت الأرض ولا تدرس الطلاب بعد الثانية عشرة ليلاً، ولا بد أنها معروفة لوزارة التعليم العالي. وقلنا إما هناك خلل في قانون وزارة التعليم العالي أو ضعف في تطبيقه، ومثل هذا الإعلان لا يكفي، وعلى وزارة التعليم العالي إما أن تسمي الجامعات والكليات المعترف بها أو تسمي الجامعات والكليات غير المعترف بها وأسباب عدم الاعتراف.
وفي هذه الأيام والعام الجامعي في مطلعه لا تخلو صحيفة من عدة إعلانات لجامعات أو كليات تعرض بضاعتها على الطلاب ليلتحقوا بها. لذا نرى أن على وزارة التعليم العالي وفي هذا الوقت بالذات وفي كل عام، أن تنشر يومياً الجامعات والكليات المعترف بها في قائمة واضحة في كل وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، وبعدها لا تُلام إن هي رفضت اعتماد شهادات جامعات أو كليات لم يرد اسمها في قائمتها. وليس هذا الأمر بالعسير ولا الغريب ما لم يكن هناك ضعف في هذه الوزارة في مكان ما. أما أن تجلس الوزارة بلا تبصير وتوضيح وتنتظر إلى أن يقع الفأس على الرأس ويدرس الطالب أربع أو خمس سنوات ويدفع الملايين ويتخرج وأمه تزغرد وأبوه يبشر وأقرباه يهنئون وربما على صفحات الصحف، وتأتي وزارة التعليم العالي وتقول له شهادتك بلها وموصها واشرب مويتها... معقولة بس؟!
ولا بد من نشر الجامعات والكليات المعتمدة والمعترف بها في التعليم العالي على الملأ حتى لا تلام وزارة بهذه الأهمية وتتهم بالدغمسة.
شكراً جزيلاً أيها البروف حسن عباس
والشيء بالشيء يذكر فقد نشرنا قبل يومين موضوعاً بعنوان «ألا يستحق هذا الأب التكريم» ذكرنا فيه قصة الأخ محمد حامد بلول الذي جاء من الاغتراب براً بوالدته وعلم بنتيه في البادية حيث تنعدم معظم مقومات الحياة ودرسهن المرحلتين ودخلن بنسبة 81% و79% جامعة ام درمان الاسلامية. وناشدنا الأخ مدير الجامعة الإسلامية أن يقدم لهن على الأقل القبول مجاناً. وبالأمس اتصل علينا الأخ البروف حسن عباس مدير الجامعة الاسلامية مشكوراً مستجيبا لما طلبنا، وزاد كيل بعير، وكل ما نقترح هو مستعد له. «أمانة ما بلد فيك خيرون أو كما قالوا بلد الخير والطيبة». وننتظر عون الصندوق القومي لرعاية الطلاب ووعدوا خيراً جزاهم الله عنا كل خير.
ومازال الباب مفتوحاً، وهذه من عندي ولم يطلبها مني الأستاذ أحمد صالح كاتب الموضوع ولا والد الطالبتين، فكل من يرى أنه يمكن أن يكرم هذا الأب فليفعل ولو بإدخال الكهرباء والماء لتلك البقعة من بادية الكبابيش. وذلك قبل أن نرى سقيا شمال كردفان قاطبة من النيل الأبيض.  وأسأل الله أن يمد في أيامي إلى أن أرى هذا حقيقة ماثلة للعيان. وهل طلبنا مستحيلاً يا أحمد هارون؟!

في محكمة زواج المثليين!

  الثلاثاء, 20 آب/أغسطس 2013

ما أجمل أن تدخل محكمة وأنت لا مدعي ولا مدعى عليه ولا شاهد. هذا ما حدث لي نهار الأحد بدعوة من مولانا ماجد محمد مبشر قاضي محكمة محلية الخرطوم الذي حكم في القضية التي سمتها الشرطة زواج مثليين بشارع النيل وجعلناها عنواناً نشر بتاريخ الأربعاء14 أغسطس 2013 م.
يومها أوردنا خبر «الإنتباهة» الذي مصدره الشرطة فقط، والشرطة والنيابة والمحكمة هم أركان الفصل في القضية لا يكفي واحد دون الاثنين، هذا ما تعلمناه أخيراً. بعد نشر الموضوع وجدت مذكرة فيها اسم وتيلفون مولانا القاضي يطلب أن نتصل عليه وقد كان، وطلب بلطف الحضور إليه لشرح الأمر كاملاً ، وحددت الأحد للقائه وقد كان.
قال مولانا ماجد إن المتهمين من دولة مجاورة صديقة ومن قبيلة من عاداتها أن لا تسلم العروس للعريس إلا بعد سبعة أيام من الزواج وفي هذا الأثناء يقومون بعمل تمثيلية حيث يلبس أخو العروسة ملابسها ويقدمون عرضاً كأنه عرس هذا ما أثبته الشهود بعد القسم على المصحف وجاءوا بكبار قبيلتهم الموجودين بالسودان وأثبتوا صحة هذه العادة في بلادهم. لذا لم يكن هناك زواج مثليين ولا يحزنون، وحتى لو كانوا مثليين إنه لم يتم. فقط الذي تم تصوير داهمته الشرطة. والغرامة نسبة لأن  التمثيلية كانت في مكان عام.
«جبدت نفساً طويلاً وقلت الحمد لله رب العالمين» وطرحت السؤال التالي تقول الشرطة إنهم متسللون وليسوا مقيمين إقامة شرعية لماذا لم تحكم بإبعادهم؟؟ قال مولانا: إنهم مقيمون، أحضروا جوازاتهم وعليها كل ما يثبت دخولهم بصفة رسمية وإقامتهم.
وبعد جلسة ممتعة بعد أن علمت أنه من الرباطاب وقلت أين طُرف وملح الرباطاب من جدية القضاء وصرامته. وكأني به يقول أقلب الصفحة وسرح بنا في طرف وظرف الرباطاب الذي أماتنا من الضحك.
شكراً مولانا ماجد وفقك الله في قضائك وما أصعبها من مهنة.
هذه المرة الثانية التي أتمنى أنني لم أكتب ما كتبت، الأولى كانت يوم كتب لي أحد عمال المنطقة الصناعية أم درمان  يقول إن مديرة إحدى المؤسسات العامة منعتهم من الصلاة في مسجد المؤسسة ومنعتهم صلاة الجمعة ولا مكان ولا خيار لهم إلا هذا المسجد. وانفعلت وكان في شهر رمضان قبل الماضي وكتبت حديثاً صعباً بعد أن تخيلت المنع جاء من قلة دينها أو تسلطها. وبعد ذلك زرت المؤسسة في غيابها ووجدت المسجد في مكان لا يسمح بفتحه للعامة وهو مسجد صغير يتوسط المؤسسة وليس مطلاً على شارع. وكتبت «لو كنت مكانها لأغلقت المسجد» واعتذرت لها وقبلت العذر ولم نلتق إلا بالهاتف.
الدرس المستفاد رغم كثرة قراء الموضوع في الانترنت لجاذبية العنوان الذي شببه أحدهم بـ «عض الرجل الكلب» ألا نكتب في قضية قبل أن تكتمل أركانها، وأركان القضية كما أسلفنا شرطة ونيابة وقضاء.
بالمناسبة لو عرف أخونا د. عبد الماجد عبد القادر هذه المحكمة ومن هم روادها لكانت كل موضوعاته من هناك ويعقب كل مقال بعبارة ما قلنا ليكم يا أخوانا.
شكراً لكل الذين داخلوا بالهاتف والإيميل والغيورين على الأخلاق.

الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

التمويل الأصغر: كده صاح!

  الإثنين, 19 آب/أغسطس 2013

من مشكلات الزراعة وخصوصاً في مشروع الجزيرة مشكلة إسمها التمويل، فقد جربت الحكومة عدة طرق لتمويل الزراعة كانت دائماً تصب في غير ما خُطط له أو أضرت أكثر مما أصلحت، كتلك المحفظة في تسعينات القرن العشرين التي كانت بفوائد «37.5 %»  وكرَّهت الناس الزراعة.
في قاعة الصداقة في 5/6/ 2011 عقد منتدى تقويم النهضة الزراعية في سنواتها الثلاث الماضية. قدمت أوراق شرحت ما كان في السنوات الثلاث، ومعلوم ان برنامج النهضة الزراعية بدأ في 2008 م. في ذلك اليوم دُعيت كصحفي ولكنني لبست قبعة المزارع وطالبت في مداخلتي أمام النائب الأول أن يوجَّه التمويل الأصغر للزراعة بدلاً من الركشات والبقالات، فالمزارع إن وجد «3» آلاف في بداية الموسم بعد سنتين لن يحتاج لتمويل قط وسيموِّل نفسه بنفسه.
فرحتي كانت كبيرة يوم رأيت الفكرة على أرض الواقع، فمنذ سنتين تقريباً بدأت مؤسسة التمويل الأصغر في ولاية الجزيرة بتمويل الزراعة وبطريقة ممتازة إدارة وإشرافاً وتحصيلاً. ما كنت أعلم كثيراً من تفاصيلها إلا يوم التقيت مديرها الأخ عاطف حجر في مناسبة اجتماعية ومدَّنا بمعلومات مفرحة مثلاً: في الموسم الماضي موَّلوا «7000» فدان وعندما نقول موَّلوا لا يخطر على بالك أنهم أعطوا المزارعين مبالغ وانتظروا سدادها في نهاية الموسم تأتي المبالغ أو يقاد المزارعون للسجون كما يفعل صاحبنا..... لا لا هؤلاء ما كانوا يعطون المزارعين أموالاً ولكن يقومون بالتحضير وإحضار التقاوى وزرعها بزراعات ويأتون بالسماد ولا يرمونه عند «التقنت ويذهبون» ولكن يشرفون على نثره بآلات وكل ما يمكن أن تقوم به المؤسسة لصالح المزارع وعلى المزارع الرعاية والسقاية والإشراف، وفي النهاية لا يقاسمونه الأرباح ولو طلبوا من حقهم ولكن يطالبون فقط بالمبلغ الذي صرفوه. هذه التجربة حلَّت كثيراً من عيوب التجارب السابقة ومنها استهتار المزراع وصرفه للمبلغ في غير ما أراده له المموِّل، ومنها ذهاب كل التمويل للقطط السمان. الآن الفائدة مباشرة ويقولون إن نتائج هذه التجربة على قمح الموسم الماضي، رغم صغر المساحة بالنسبة لمساحة المشروع، إلا أنها خريطة طريق أقنعت كل من وقف عليها حتى المتعافي اقتنع بها وأشاد ودعمها بمليارين بالله لما تقنع المتعافي باقي ليك منو؟
النتيجة زيادة في إنتاجية القمح وتقليل التكلفة وهذين أكبر عاملين في زراعة القمح كل مشكلته كانت في قلة الإنتاجية وارتفاع التكلفة والعطش والأخيرة هذه تحتاج وقفة في مرة قادمه بإذن الله.
بعد نجاح تجربة الموسم الماضي طبقت التجربة الآن على «20000» فدان عشرين ألف فدان ذرة، و«4000» أربعة آلاف فدان فول سوداني ومقترح «12000» فدان قمحاً طبعاًَ لم يأت أوانه فهو محصول شتوي وتقاويها جاهزة وأصعب ما في القمح التقاوي والري. يقومون بذلك برأسمال «35» مليار جنيه بالقديم «35» مليوناً بالجديد. وسألناه عن السداد فقال الحمد لله السداد كان بنسبة «99%»، وعلى البنك الزراعي أن يدرس لماذا لا يسدد له الناس وأين يذهب تمويله؟
حتى الآن التجربة تمشي الهوينا وبنجاح هل آليات التمويل الأصغر الإدارية قادرة على تعميم التجربة في كل مشروع الجزيرة؟ هذا سؤال يجب الوقوف عنده ولكن قناعتي أن المزارع لا يحتاج للتمويل لفترة طويلة سنتين على الأكثر وسيقف على رجليه ويودِّع الفقر.
هذا إصلاح الواقع هل يحق لنا أن نتطلع إلى تطوير عبر مؤسسة التمويل الأصغر؟ هل في النية تطوير شمال الجزيرة مثلاً ليكون ممولاً للعاصمة باللبن والخضروات وكل ما تحتاجه؟
أتمنى تجربة واحدة مدروسة دراسة جيدة لنكون أنموذجاً يُحتذى والمحاكاة أول أنواع التعليم. ألا تذكرون كيف علم الغراب قابيل كيف يواري سوءة أخيه؟ فدعونا ندرس تجربة لإدخال الحيوان في الدورة الزراعية هذا الحلم الذي لم يجرؤ أحد على تنفيذه على أرض الواقع ومنذ عدة عقود هو حبر على ورق أو كلام في مهرجان.
هل يدق التمويل الأصغر صدره ويقول أنا لها؟أتمنى ذلك.

ألا يستحق هذا الأب التكريم؟

  الأحد, 18 آب/أغسطس 2013

الأخ الكريم أحمد المصطفى إبراهيم أرجو أن تطّلع  والقراء الكرام على هذه التجربة الفريدة، وأن تضيف علامة استفهامات إلى استفهاماتك الصّادقة الهادفة.
الأخ محمد حامد بلول خرّيج جامعة الخرطوم  كلية الاقتصاد سنة 1983م. وساقه طموح الشباب إلى أن يغترب ويعمل محاسباً في مدينة خميس مشيط بجنوب المملكة العربية السّعودية لمدة «13» عاماً. ولكن حدثت له ظروف أُسريّة قاهرة اضطرته للعودة إلى السّودان وتحديداً إلى بادية الكبابيش، وادي الملك، المكب، ليكون بجوار أمّه التي هو بارٌّ بها.
 وكان للأخ محمّد بنتان صغيرتان إحداهما أكملت الصف الأول الإبتدائي والأخرى أكملت الصف الثّاني الإبتدائي بالسعودية. ولما ناقشناه في تعليم البنتين قال لنا وهو يضحك: إنّ بنتيّ هاتين سوف أقوم بتدريسهما بنفسي. وبالفعل قام بشراء الكتب والكراسات والمذكرات كما قام بإلحاق الصُّغرى بالكبرى لتكونا في صف واحد وشمّر وشمّرتا. وكانت وظيفة البنتين بالنهار جلب الماء من الآبار وإحضار الحطب للوقود والاهتمام بالبهم ومساعدة والدتهما في غير ذلك من شؤون البيت، وذلك من الثالث أساس حتى الثالث الثّانوي. أما الأب فيكون أول النهار مشغولاً بأعماله اليوميّة كالسُّقيا في المشرع أو في الخلاء بحثاً عن الضائعة أو جَلْباً للقش للضعيفة، وتكون الدراسة غالباً بعد العصر وفي المساء بلمبة الجاز أو البطارية الجافة.
وكنت أساعده بمدّه بنسختين من امتحانات المجلس الإفريقي للتعليم الخاص الفصلية والنهائية وأجوبتها النموذجية «وأنت تعلم يا أخ أحمد مدى جدّية وشمولية وصدق امتحانات المجلس الإفريقي للتعليم الخاص لمرحلتي الأساس والثانوي». وكان الأب «المعلّم» لا يفتح ظرف الأسئلة إلا بعد أن يُنهي المقرر الدراسي لابنتيه ويراجعه لهما ثمّ يمتحنهما ويُصحّح لهما على ضوء الأجوبة النموذجية المرسلة له. ويعتبر نجاحهما في كل امتحان انتقالاً إلى الصف التالي.
واستمر الحال هكذا عاماً بعد عام إلى أن وصلت البنتان إلى الصف الثامن. وقُبيل نهاية العام الدّراسي أخذهما أبوهما إلى سودري لتسجيلهما للحصول على رقمي جلوس يمكنانهما من الجلوس لامتحان شهادة الأساس ولكن مديرة مدرسة البنات للأساس رفضت ذلك بحجّة أنها لا تعلم إن كانت البنتان قد درستا بالفعل قبل الصف الثّامن أم لا؟ ومعها حق. وتدخّل الإخوة في مكتب التعليم بسودري وتم تسجيلهما وأُعطيت البنتان رقمي جلوس وسُمح لهما بالامتحان، وعندما ظهرت النتيجة كانت المفاجأة أنّ إحدى البنتين كانت الأولى على مستوى المركز بنين وبنات وشقيقتها الثانية.
هل توقف الأب «المعلّم» هنا؟ لا. نصحناه بأن يُلحق البنتين بأية مدرسة ثانويّة في أم درمان. والبنتان مُرحّبٌ بهما في أي بيت من بيوت أهلهما بأم درمان ولكنه رفض وواصل معهما في المرحلة الثّانوية. وكنت كالعادة أمدّه بصورتين من جميع الأسئلة الفصلية والنهائية للمجلس الإفريقي مع أجوبتها النّموذجيّة.
ورغم أن الطّلاب في منطقتنا عندما يصلون إلى الصّف الثاني الثانوي يدرسون المواد الأدبية فقط لعدم وجود معلمين للمواد العلميّة، قام الأخ محمد حامد بتدريس جميع المواد الأدبية والعلمية لابنتيه رغم ما لاقاه من مشقة في الفيزياء والكيمياء والأحياء وهو رجل أدبيّ.
وفي هذا العام 2013م جلست البنتان لامتحان الشهادة السودانيّة من منزلهما كالعادة «حصلتا على رقمي جلوس من مدرسة حكومية بأم درمان، اتحاد معلمين» وكانت رغبتهما ورغبة أبيهما قبل الامتحان وبعده في الجامعة الإسلامية بأم درمان. وبعد ظهور النتيجة حصلت إحدى البنتين على «81.3%» والأخرى على «79.3%» وحقّقت كلّ واحدة منهما رغبتها الأولى ودخلت الكلية التي تريدها. الأولى كليّة أصول الدين والثانية كلية التربية، قسم اللغة الإنجليزية. وهكذا أخذ هذا الأب ابنتيه من باب الصف الثّاني أساس إلى باب كل من كلية أصول الدين وكلية التربية، قسم اللغة الإنجليزية بجامعة أم درمان الإسلامية. أفلا يستحق التكريم؟
أحمد صالح محمد عبد الله
مدير المرحلة الثانوية بالمجلس الإفريقي للتعليم الخاص.
> تعليق الاستفهامات:
يا شيخ أحمد صالح إذا ما سُئلت رأيي يكرم هذا الأب من عدة جهات وأولها أن تقبل الطالبتان مجاناً بالجامعة الإسلامية وليس ذلك بالمستحيل ومديرها البروف حسن عباس ذلكم الرجل الفاضل. ولم يكلف هذا الأب الخزينة العامة تعليم بناته ألا يستحق أن يرد جميله. وكل ذلك كرم من الله لبره بوالدته.
لله دركم أهل شمال كردفان!

د.السميط لم يمت

 السبت, 17 آب/أغسطس 2013

شيعت الكويت أمس الجمعة الشيخ الداعية الدكتور عبد الرحمن السميط  وبكاءه عارفي فضله ومعدنه يدعون له بأن يتقبل الله جليل أعماله ، ولا نقول الا ما يرضي الله اللهم ارحمه رحمة واسعة فقد كان رجلاً فريد عصره لم يعش لنفسه وعاش حياة عامرة بالخير والدعوة لله في أفقر قارات الدنيا وأكثرها وعورة وتخلفاً افريقيا وأنشأ لجنة مسلمي أفريقيا وكان لها أثرها الكبير.
أن تكون كويتياً فأنت أكثر عباد الله دخلاً، زادنا الله وزادهم من فضله. وكيف إذا كنت طبيباً كويتياً؟ تخيل الذين يسرقون شعوبهم ليبنوا الفلل الفاخرة والعمارات الشاهقة، ويعيشوا العيش الرغد بلا وخز ضمير، وليستمتعوا بالسفر إلى البلاد الراقية متنكرين لمجتمعاتهم، وليس في حسابهم أن كل حياتهم التي يتعبون من أجلها ليعيشوها سعادة، حسب ظنهم، هي سنوات معدودة أقصاها 8 عقود، وإن زادت هي والموت سواء، وآخرون يبنون لحياة لا نهاية لها.
الدكتور عبد الرحمن السميط الكويتي لو أراد أن يعيش أسبوعاً في الكويت وأسبوعاً في سويسرا لاستطاع بكل سهولة، ولكن الرجال لا يبحثون عن المتعة والترفيه الزائلين. هذا الرجل قضى كثيراً من وسنواته الخمس والستين في إفريقيا، وهو مؤسس جمعية مسلمي إفريقيا، وسأنقل لكم شيء عن سيرته ومواقفه وأعماله التي نسأل الله أن يتقبلها.   وما أحسب أن أمثاله يقال لهم اموات، فقد أشبع حياته بعمل الخير نسأل الله له القبول، تقول المواقع إن من أدخلهم الإسلام لا يقلون عن سبعة ملايين شخص، وفي رواية »11« مليوناً.. يا  الله لم يهد الله به قلب رجل واحد الذي خير من حمر النعم، ولكن ملايين البشر. لله درك يا أيها الشيخ السميط جعلت لحياتك طعماً وهدفاً.
هذا الرجل قدم لنفسه أولاً، وقدم لدعاة الإسلام مثالاً يصعب السير فيه إلا لقليلين مثله لا تلهيهم تجارة. وانقل اليكم أعزائي هذا الجزء من سيرته الذاتية.
»رجل عظيم بدأ حياته بجد بهمة ونشاط. رجل عاش لهم أمة، هم الدعوة إلى الله ونشر الإسلام في الأرض.. دخل على يديه الإسلام أكثر من »10« ملايين شخص.. ترك مهنة الطب التي برع فيها، وربما يستطيع أن يجني من ورائها أموالاً طائلة.. وترك حياة الرفاهية وسط أبنائه وعائلته الكريمة في الكويت مقابل حمل أمانة الدعوة الإسلامية الثقيلة، والدخول في عالم المجهول وسط غابات إفريقيا وأدغالها المليئة بالمخاطر والصعوبات، معرضاً نفسه للموت عدة مرات في سبيل دعوته، هذه الدعوة التي استمرت لأكثر من »30« عاماً وأثمرت إنجازات تعجز دول عن أن تقوم بها، منها:
 ــ بناء حوالى 5700 مسجد ــ حفر حوالي 9500 بئر ماء.
ــ إنشاء حوالى 860 مدرسة ــ إنشاء 204 مراكز إسلامية.
ــ كفالة 15000 يتيم تقريباً، لا بالإطعام فقط وإنما بالتربية الإسلامية والتعليم الأكاديمي.
يقول الدكتور السميط عن حال الأمَّة الإفريقية: »سألتُ، قلت لهم: أيش دينكم؟ قالوا: الحمد الله نَحن مسلمون بروتستانت! قلتُ لهم: كيف تكونون مسلمين بروتستانت؟ قالوا: أجدادنا قالوا لنا: إنَّنا مسلمون، لكنَّنا لا نعرف كيف نصلِّي، ولا كيف نصوم، فجاءنا البروتستانت ــ جزاهم الله خيرًا! وعلَّمونا كيف نصلِّي، وبنَوْا لنا هذه الكنيسة ــ وأروني الكنيسة ــ وأعطونا الإنجيل«! 
  مهما تحدثنا عن السميط لن نوفيه حقه، فهو صاحب خبرات وإنجازات كبيرة وعظيمة، فقد شارك في تأسيس ورئاسة جمعية الأطباء المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا 1976م. كما شارك في تأسيس فروع جمعية الطلبة المسلمين في مونتريال 1974- 1976، ولجنة مسلمي ملاوي في الكويت عام 1980م، واللجنة الكويتية المشتركة للإغاثة 1987م، وهو عضو مؤسس في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وعضو مؤسس في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، وعضو في جمعية النجاة الخيرية الكويتية، وعضو جمعية الهلال الأحمر الكويتي، ورئيس تحرير مجلة الكوثر المتخصصة في الشأن الأفريقي، وعضو مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان، وعضو مجلس أمناء جامعة العلوم والتكنولوجيا في اليمن، ورئيس مجلس إدارة كلية التربية في زنجبار ورئيس مجلس إدارة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في كينيا وغيرها.
مثل السميط هل  يقال عنه مات. اذهب مقبولا بإذن الله.

آه يا مصر! وبلعت مصر الطعم

  الجمعة, 16 آب/أغسطس 2013

يُحكى أن مسؤول الثروة الحيوانية في واحدة من الولايات «وعلى طريقة همس وجهر واحدة من الولايات الوسطية» كان يعرض أعداد الحيوانات في ولايته على حضور كبير وذكر عدد الأبل وعدد الأبقار وعدد الضأن والماعز إلى أن قال وبالولاية مليونين وخمسمائة وعشرين حمامة هنا ضجت القاعة بالضحك فما كان منه إلا أن رد: «يا أخوانا الما مصدق يمشي يحسبها».
عدد الحمام هذا بالضبط مثل «32» مليون توقيع جماعة السيسي (cc) كل ما سئلوا لماذا فعلتم ذلك الانقلاب على الشرعية أجابوا أهو عندنا «32» مليون توقيع. نعمل استفتاء لييه؟
عموماً بلعت مصر الطعم ودخلت في دوامة نسأل الله أن يخرجها منها بخير. هذا العالم الذي يحكمه اليهود منذ الحرب العالمية الثانية لا يقبل الصدق ولا مصلحة وطن على حساب مصلحة إسرائيل، وكل من يفكر أن يكسر هذا القيد عليه أن يعرف حجمه وكيف يتجاوز هذه المعضلة. لم تنجُ دولة وتتحرر من دون متاعب حتى العراق الذي ظن أن نفطه سيجعل منه دولة تتخطى ضاع وسرق نفطه جهاراً نهاراً.
وظننا بتركيا خيراً أن تنجو من القبضة اليهودية لقربها من أوربا أو لقوة حكامها الجدد ونظافة أيديهم وحسن تدبيرهم وقوة إقناعهم لمجتمعهم بهم على حساب العلمانيين والعسكر، ولكنها ما زالت تواجه مهددات نسأل الله أن يعينها عليها.
هل يحسب الانقلابيون في مصر أن فض المعتصمين في رابعة العدوية هو نهاية الصراع وسيخلو لهم وجه مصر ليشبع خدود إسرائيل بالقبل؟ هل سيصمد الذين قتلوا هذه الأعداد أمام ما ينتظرهم في أيامهم القادمة؟ من استسهل القتل وقتل نفساً بشرية ومسلمة بهذه الطريقة فليسأل نفسه: كم ستقتل في مستقبل أيام حكمك؟ وكم قتل الذين قبلك يا وجه الغرب الكالح  من الناس بهذه الطريقة الوحشية منزوعة الرحمة والضمير في زمن الإعلام ليس بهذه الانتشار ومع كل ذلك ذهبوا مغضوب عليهم.
هل ما زالت «25» يناير ثورة على نظام مبارك؟
هل خرج نظام مبارك من الباب ودخل بالشباك؟
الفاسدون الذين عاشوا على الفساد في حكم مبارك هل هم من يحكمون البلاد في حضرته وغيابه وما عادوا يخشون أحدا لإمساكهم بأنفاس الاقتصاد يمنعون على الناس السلع الضرورية ويستخدمونها سلاحاً لبقائهم. هل سيخيرون الشعب بين الجوع وإسرائيل إلى أن يصل المواطن البسيط ليقول: وأنا ما لي وإسرائيل أنا عايز آكل بلا كرامة بلا سيادة يا عمي. ما ربحته إسرائيل من ثورة مصر لم تربحه من كامب ديفيد.
مخطيء من يظن أن الذين وقفوا مع انقلاب السيسي وقفوا بمحض إرادتهم وهذا موقفهم الحقيقي وكرههم للإسلاميين هو الدافع لهذه الوقفة بالمال والسند الدبلوماسي، هؤلاء عبد المأمور رأيهم عند غيرهم كما مالهم تماماً فلا يلامون كثيراً على الأقل في هذه المرحلة.
غير أن الذي يحير استقالة البرادعي، هل انتهى دور البرادعي المرسوم له وعليه أن يخرج من المسرح ويلبس ملابسه العادية ويجلس مع الجمهور لمتابعة المسرحية؟؟
ونعود ونسأل: هل سيحكم السيسي مصر بدماء الإسلاميين؟

ماذا فعل هذا المجلس؟

 الخميس, 15 آب/أغسطس 2013

كتبت الموضوع  أدناه في أبريل 2011 م فرحاً بقرار أصدره السيد والي الخرطوم الحي وموجود، وبعض موظفي وقيادات التربية بولاية الخرطوم. قبل أن تقرأوا معي الموضوع أدناه أريد أن أسأل أو استفهم.
كم مرة اجتمع هذا المجلس؟ وما هي الخطة التي وضعها؟ وكم مدتها؟ وكم أنجز منها حتى الآن؟ وما أثره وماذا فعل في التعليم؟ هذه الأسئلة ليست تجريمية ولكن نريد أن نتابع واحداً من القرارات لنرى كيف يُتخذ القرار، وكيف يُولد، وكيف يموت، أو كيف يُجمَّد؟ وما أسباب ذلك؟ إليكم المقال الذي كتبته حول الموضوع في ذلك الوقت يوم تكوين المجلس.
إلى الخبر:
«أصدر د. عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم قراراً تم بموجبه تشكيل مجلس لتخطيط وتنظيم العملية التعليمية بالولاية، المجلس تم تشكيله على النحو التالي: الأستاذ محمد أحمد حميدة وزير التربية والتعليم بالولاية ــ رئيساً. الأستاذ حسن عثمان مدير عام التعليم بالولاية ــ مقرراً للمجلس. السيد ممثل اتحاد المدارس الأهلية ــ عضواً. السيد مدير المجلس الإفريقي للتعليم الخاص ــ عضواً. السيد ممثل اتحاد المعلمين الولائي ــ عضواً. السيد ممثل الهيئة النقابية للتعليم بالولاية ــ عضواً. السيد ممثل منتدى المعلمين المعاشيين ــ عضواً. السيد ممثل كليات التربية بالولاية ــ عضواً. السيد ممثل مجالس الآباء والمعلمين وصديقات المدارس ــ عضواً. السيد ممثل التخطيط الإستراتيجي بالولاية ــ عضواً.
يا سلام من لم يقف عند هذا الخبر يحتاج من يوقفه ويقول له هنا مربط الفرس، إذا صلح التعليم صلحت أمور كثيرة.
ورغم أن الخبر يخص ولاية الخرطوم وحدها ولكن ما يخص الخرطوم يخص كل السودان، وذلك لأن الخرطوم هي قدوة كل الولايات منها تأخذ التجارب.
أكون سعيداً جداً لو بدأ هذا المجلس ببند واحد ولم يتخطه حتى يستوفيه بكل جوانبه. وذلك قوانين التعليم ولوائحه هل هي مطبقة على أرض الواقع؟
ولنبدأ بالتعليم غير الحكومي، لم أقف على تفاصيل شروط تصديق المدارس الخاصة كاملة، ولكن الذي أعرفه أن المدرسة غير الحكومية لا تُصدق إلا إذا استوفت مواصفات خاصة وهي متدرجة حيث المطلوب مساحات معينة للفصول ومكان المدرسة وملحقاتها، وكل هذا يكون مؤقتًا في مدة اقصاها ثلاث سنوات بعدها يجب أن تنتقل المدرسة إلى بناء اسمه مدرسة بكل المواصفات المعلومة. هذا، ولكن الواقع يقول إن المدارس تُصدق بلا زيارة، يكفي أن تدفع الرسوم «وغير الرسوم» واتكل على الله. ولن يتابع الأمر أحد وإن تابعه فصرفه سهل «قلت صرفه ولم أقل ظرفه».
أما من حيث المعلمين لا مواصفات للمعلمين متابعة ولا مؤهلاتهم محددة، كلٌّ يسرح ويمرح في مدرسته الخاصة وكأنها مزرعته الخاصة والطلاب هم أنعامه، ومعلمو المدارس الخاصة كثير منهم ساكت على ظلم قلة الراتب وتقطيعه، والمضحك أن بعض المدارس الخاصة تطلب من المدرسين إنهاء المقرر الدراسي بنهاية شهر ديسمبر مثلاً حتى لا تعطيهم رواتب في ذيل العام الدراسي. لا نريد أن ندخل في التفاصيل وما أكثرها!! ولكن معظم التعليم غير الحكومي لا يحقق الهدف.
أما التعليم قبل المدرسي الذي تركته الولاية خالصًا للقطاع الخاص، فيحتاج للكثير الكثير وهو الأساس، فإن استخفّت به الولايات أو أراحت نفسها من عبئه لا بد أن تعلم الولايات أنها تتلاعب بأساس بنيانها، ومعلومة نتيجة من يلعب بأساس معماره «ما كلكم عندكم عمارات في واحد عمل أساس عمارته من الجالوص وأقام الأعمدة؟».
سؤال أخير: هل هذا المجلس هو من يصلح اعوجاج التعليم؟ أتمنى، ولكن وجود أصحاب المشكلة فيه سيجعلهم يدافعون عن مصالحهم.

زواج مثليين في شارع النيل!!!

  الأربعاء, 14 آب/أغسطس 2013
 
البلاء لم يأت من فراغ، ضعوا أيديكم فوق رؤوسكم لتقرأوا معي هذا الخبر وهذا الحكم. «أوقفت شرطة أمن المجتمع زواجاً لمثليين أجانب تسللوا للبلاد عبر الحدود، وذلك أثناء مرور دورية قسم المقرن بشارع النيل، حيث تم ضبط ثلاثة أجانب أحدهم يرتدي زياً نسائياً كاملاً والثاني يمثل دور العريس والثالث يقوم بالتصوير».
وتم فتح بلاغات في مواجهتهم تحت المواد «15/62/53» بقسم المقرن، وتمت إحالتهم فوراً لمحكمة الخرطوم وسط التي أدانتهم أمس بالأفعال الفاضحة وفرضت عليهم غرامة قدرها «5» آلاف جنيه لكل، وفي حالة عدم الدفع السجن لمدة ستة أشهر، كما أمرت المحكمة بمصادرة المعروضات المتمثلة في الزي النسائي والسيف والكاميرا». أ.ه الإنتباهة 13/8/2013م
إلى هذا الحد وصل الأمر؟ تسلل عبر الحدود يعني أنهم غير مقيمين إقامة رسمية، ألا يكفي هذا لطردهم خارج البلاد حتى ولو وجدوا يصلون التهجد ناهيك عن فعلهم الذميم. والعالم الغربي التافه صاحب هذه البدعة الغريبة سنين عددا يحاول جعلها أمراً قانونياً ويتعثر اللهم إلا في بلاد فقدت نخوتها وسيطر عليها شذاذها.
رجلان يتزاوجان في شارع النيل عينك عينك وهذه عقوبتهم ! هل خلا القانون من مادة تجرمهم وتطردهم؟ هذا إن لم نقل تعدمهم إلا هذه العقوبة التي تكاد تكون كعقوبة أغنام دخلت مزرعة قطن يوم كان للقطن شنة ورنة، حيث يعاقب من تدخل حيواناته مزرعة القطن قبل حصادها عقوبة صارمة ويغرم غرامة تساوي الجرم، وربما تكون الغرامة أكبر من غرامة هذين الشاذين فقط خمسة آلاف جنيه!! معقولة بس؟ ويمارسان حياتهما غير القانونية في السودان؟
لست فقيها في القانون الجنائي ولكن إذا ما خلا قانون العقوبات الجنائية من مادة تدين مثل هذا الفعل يجب أن يعدل فوراً لتدخل مادة تعاقب عقوبة قاسية على مثل هذه الأفعال ولو اضطر الأمر ولاة الأمر إلى أن يؤخروا المحكمة إلى حين تعديل القانون. وهل دفع المدانون الغرامة وخرجوا إلى شارع آخر أو بيت آخر؟ دعونا نقرأ هذه المادة من القانون الجنائي:
152ـ «1» من يأتي في مكان عام فعلاً أو سلوكاً فاضحاً أو مخلاً بالآداب العامة أو يتزيأ بزي فاضح أو مخل بالآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام، يعاقب بالجلد بما لا يجاوز أربعين جلدة أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً.
«2» يعد الفعل مخلاً بالآداب العامة إذا كان كذلك في معيار الدين الذي يعتنقه الفاعل أو عرف البلد الذي يقع فيه الفعل.
من حكم الإدارة الأهلية أنها تعاقب الغني بالجلد والفقير بالغرامة.
من يستأنف مثل هذا الحكم؟ هل من حق الشرطة استئناف هذا الحكم؟ هل يحق لأي محتسب أن يستأنف هذا الحكم؟ ما هي مدة الاستئناف لهذا الحكم؟ يا عالم الحقوا هذا انهيار وتسرب عادة غريبة حتى على مجتمع الغرب الذي روج لها وبعض من يدعون الحرية المطلقة وتعارضها قاعدة عريضة من المحافظين. قبل شهور لاكت الألسن والأقلام الصحفية زواج مثليين بواحدة من مدن العاصمة المثلثة ولم نقف على ماذا انتهت محكمته، ويبدو أنهم أنكروا ولكن هؤلاء لم ينكروا، هل سيفرح أصحاب الزواج الأول بهذه العقوبة؟ وقد يدفعون، وأصلاً المال عند هؤلاء ليس مشكلة. ثم أليس هذا معدل يحتاج لوقفة.. جريمتان في أقل من سنة؟ وإذا ما استمر الأمر بهذه الصورة لا استبعد أن يصل الأمر للبرلمان قريباً.. لا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم بالله كم هي محبطة الدورية التي قبضت هذه الجريمة من هذه العقوبة، وأخشى أن يصل بها الأمر إن وجدت مثل هذه الحالة إلى أن تنساها مادامت هذه عقوبتها.

رجالة الطيران في السودان!

 الثلاثاء, 13 آب/أغسطس 2013

آخر مرة دخلت فيها ساحة الطيران أو مهبط طائرات مطار الخرطوم، كان يوم افتتاح كهرباء وادي حلفا تحديداً في يونيو الماضي. صراحة عدد كبير من الطائرات على الأرض أشكالها غريبة وألوانها أغرب، ويهيأ إليك أن كل نفايات أو خرد الطائرات العالمية كبت في هذا المكب. ونحن في بص في غاية الأناقة والحداثة، إذ به يقف بنا أمام طائرة لا تنبيء بخير حتى وضع السلم مخيف وهو كتلك السلالم التي يستخدمها الأهالي في صيانة أسقف منازلهم ــ أي ــ هو من صنع حداد غير ماهر. وشكل الطائرة غريب، محركاتها فوق ظهرها كأنها حشرة استُفزت.
البرتوكول لا يخبر هل تريد أن تسافر بها أو لا، فأنت ضيف على وزارة الكهرباء ويجب أن يكون الضيف مؤدباً يقبل كل ما يُقدم له. دخلنا إلى جوف الطائرة، يا لهول ما رأينا! وضع الكراسي غريب وشكلها أغرب وبعد الجلوس وكأنك مثل الذين يجلسون أمام ستات الشاي، ولو جاءت من تقدم لنا الشاي لما استغربت. كل شيء أمامك لا مثيل له في الطيران، والستائر كأنها ستائر حلاق في قرية بعيدة.
يا إخوانا ننزل أم نصمد؟ هذا هو السؤال الذي دار في ذهني، وربما أذهان الكثيرين، وإذا نزلت ألا تصنف بأنك لست شجاعاً؟ طيب توكل على الله وبالله هذا توكل أم عبط؟ وحلقت بنا الطائرة. وكانت طائرة فوكر جميلة قد سبقتنا، وصلنا بحمد الله قبل الفوكر ولكن يدنا فوق قلبنا لحدي ما وصلنا، ولم نتذكر أغنية الكاشف رحلة بين طيات السحاب أبداً. أول ما فكرنا فيه في الرجوع ألا نعود بهذه الطائرة، وقد كان أن حشرنا أنفسنا في الفوكر، طبعاً لا داعي لذكر أسماء الشركات المالكة لهذه الخرد، عفواً الطائرات القديمة، فقد يدخلنا في حرج معها وربما تقاضي في المحاكم.
بعد هذه المقدمة الطويلة نريد أن نسأل: هل من حق المسافر بالطيران معرفة نوع وعمر وصلاحية الطائرة التي سيسافر بها؟ السؤال موجه لسلطات الطيران المدني أولاً، وإذا لم تجب سنرفع الأمر عبر جمعية حماية المستهلك لأعلى. هل يعقل أن أدفع ثمن تذكرة السفر وأنا لا أعرف على أية طائرة سأسافر، وما نوعها، وكم عمرها. أليس في الأمر تدليس أن يدفع اثنان نفس المبلغ ويجد أحدهم نفسه أمام طائرة روسية قديمة كانت طائرة شحن حولها إخوان البنات إلى طائرة ركاب، أليس في هذا تشبيه ضمني بأن المسافر السوداني هو ذاتو عفش أو كارقو؟ ويجد الآخر نفسه أمام طائرة آيرباص جميلة وحلوة ولا تسمع داخلها إلا همس التكييف وابتسامة المضيفات؟
ثم ثانياً: هل كل هذه الطائرات الرابضة في مطار الخرطوم صالحة للاستعمال وطبق الشروط؟ إذا كانت الإجابة نعم، نقول إن هذه الشروط تحتاج مراجعة كبيرة ومقارنتها بشروط هيئات طيران مدني أخرى لنعرف أين تقف شروطنا، وأين تقف شروط الآخرين. يبدو أن بداية الخلل في أن بعض هذه الشركات المالكة لهذه الطائرات القديمة عصية على التحقيق وتطبيق القانون عليها، وإذا ما عُصرت غيرت اسمها ولون الطائرة والـ (logo) والمدير واستمرت كأن شيئاً لم يكن.
سلامة المواطن فوق كل هذه الفوائد الخاصة حتى لو تدثرت بثوب المصلحة العليا للبلاد، النتيجة واحدة الطائرة مواصفات ومن حق المستهلك أن يعرف على ماذا سيسافر، وله حق الرفض ولو بعد أن يدخل الطائرة، هذا سفر وليس رجالة سودانيين.

سيول وسيول

 لإثنين, 12 آب/أغسطس 2013  

بعد التهنئة لكل القراء بالعيد ونسأل الله أن يعيده علينا وبلادنا في خيرين وزيادة. طبعًا من القراء من هو في هم آخر اقصد كل من تأثر بالسيول التي عمَّت البلاد وخصوصًا شرق النيل والولاية الشمالية وأخيرًا الجزيرة وخور شمبات.
وهنا يطرأ سؤال: لماذا دمرت السيول قرى بأكملها وجرفت طرقاً مهمة هل معدل السيول غير عادي ام طرأ على الأرض ما طرأ؟ بعض المسؤولين يعيب على الناس أنهم بنوا منازلهم في مجرى السيل والمواطنون يقولون إن ما طرأ على جعل الأرض وتحضيرها للزراعة هو السبب بحيث قامت ترع وحجزت المياه او غيرت مجرى السيل القديم.
كل هذا يجب مراجعته ويجب ألّا تكون «الهندسة بالنظر»  مثلها مثل الدفاع بالنظر كأغرب نظرية. هندسة الطرق يبدو انه ينقصها عمدًا او سهوًا او جهلاً من اين يأتي الماء ولم تحسب حسابات العبارات مما يضطر الأهالي عندما يقع الفأس على الرأس بقطع الطريق لتمرير المياه هذا لم يحدث مرة ولا مرتين ولا عشرًا بل اصبح امرًا في عداد الأمور العادية حيث لا يُحاسَب المتسبِّب ولا الفاعل بغض النظر عن خسائر قطع الطريق وتعطيل الحركة وما تكلفه من وقت ووقود وعكننة.
إذا ما سُئلت عن رأيي لقلت يجب مراجعة دراسة الطريق الذي تعرض للقطع ومن أعدها مكتب استشاري خاص أو عام ويُحاسَب على كل هذه الخسائر التي تحدث بل ويلزم بعمل العبارة أو المواسير التي تمرر الماء في لحظات هذا إذا كان العقد يسمح بذلك وإلا رُفع الأمر للقضاء. لا يُعقل أن يستلم صاحب دراسة كل ما له ولا يفطن لما عليه إلا بعد أن تأتي السيول. أليس هناك مراجعات من عدة جهات لهذه الدراسات، دراسات الطرق؟ ولا أستبعد أن تأتي جهة صاحبة دراسة وتقول دراستنا صحيحة وتصميمنا صحيح ولكن ما طرأ على الأرض بعد ذلك هو السبب، نحن لم نكن نظن ان الأراضي ستجعل من مصارف السيول خططًا سكنية أو ان يقولوا وما كنا نظن أن الزراعة ستمد القنوات بلا رجوع لدراستنا. أحيانًا يكون المواطن مرجعًا مهمًا في مثل هذ الأمور.
ونعود لمعالجة الكوارث كيف عالجت ولاية الخرطوم كارثة شرق النيل التي كانت البداية؟ هل مجرد زيارة المسؤول الكبير وتصويره يمد عصاه يمنة ويسرة ويعود لطائرته هل تكفي لتضميد الجراح؟ والأطفال في العراء يشكون البرد والجوع وحطام بيوتهم أمامهم ومتاعهم تحته ويبحثون عن مكان يقضون فيه ليلهم الذي أصبح ليالي.
ماذا لو أعلنت حالة طوارئ؟ ماذا لو استنجدنا بالعالم أمريكا ذات نفسها أعلنت حالة الطوارئ بعد الإعصار الشهير وتلقت عونًا خارجياً. الخوف من مد اليد وأن تأتي فارغة يجب أن تتجاوزه الجهات المسؤولة، المحنة كبيرة، هذه آلاف المنازل، وأمة محمد بخير، فربما يجد هؤلاء المتضرِّرون من يمدهم بخيام على الأقل إلى أن ينجلي الأمر. أما ادعاء ولاية الخرطوم أنها قادرة على تجاوز الأزمة فيبدو أن الزمن كذب هذا الادّعاء والخريف مازال في أوله.
ورغم كل ذلك السيول ولا الجفاف والقحط. اللهم لك الحمد ولك الشكر.

عزيزي المسافر للعيد

 الأربعاء, 07 آب/أغسطس 2013

كثيرون سيخرجون من الخرطوم ليقضوا العيد في مدنهم الصغيرة أو قراهم. وبالمناسبة الذين يبقون في الخرطوم يعيشون فيها أياماً ممتعة حيث تصبح شوارعها مريحة بلا زحام وأسواقها ومنتدياتها ومسارحها.
وأنت في البص السفري عزيزي المسافر أو الحافلة لا بد أنك شعرت بشيء من الضيق من التفويج الذي تقوم به إدارة المرور السريع وكيف أن رحلتك زادت ساعة أو ساعتين، أتمنى أن تقدر لإدارة المرور ما تقوم به من تفويج حفظاً على سلامتك وسلامة المسافرين الآخرين لكثرة المركبات وضيق الطرق. ويجب أن تحمد الله وتشكر المرور السريع على أنه يسلمك من دورية لدورية إلى أن تصل سالماً.
ولك أن تقارن بين تأخير ساعة أو ساعتين أو الموت أو الدخول للمستشفى لعدة أيام أو شهور وقد تخرج سالماً أو ناقصاً، كل هذا يجب أن يكون في حسبانك لتقول لنفسك تحملي بعض الشر أهون من بعض. وشكر المرور السريع في هذه الأيام واجب جداً، لأن هذه هي الأيام الوحيدة التي تكون السلامة همه الأول وليس فيها ايصالات. أتمنى أن تبتسم في وجه كل شرطي مرور حجزك في واحدة من نقاطه لسلامتك وأن تشكره وتدعو له وتسأل الله أن يعينه على الصيام في هذه الأيام المتعبة بالنسبة لهم.
ربما تسألني كيف أملأ فراغ الانتظار داخل هذه البصات أو الحافلات؟ لك عدة خيارات منها أن تكثر من ذكر الله والاستغفار، ولك أن تتخيل كيف هي مضاعفة في هذا الشهر. بعدها أنت مسافر ودعاء المسافر مستجاب وصائم ودعاء الصائم مستجاب حتى يفطر ماذا تريد أكثر من ذلك، ادعو الله بكل ما تريد وبكل ما تراه بعيد فهو عند الله هين ويقول له كن فيكون. إذا فعلت كل ذلك وما زال الطريق طويلاً فنم فالنوم في رمضان عبادة.
إياك وإياك أن تطلب من سائق البص أن يشغل فيلماً لتقصر به الطريق، عندها تكون وقعت في إثم لا داعي له وما يفعله إلا الذين لا يقدرون الوقت ولا يعلمون أن كل دقيقة عبرت لا تعود أبداً وخصوصاً دقائق نهار رمضان. أو تطلب أغاني من ذلك النوع الذي اشتهر في قنواتنا حديثاً فهي نشوة عابرة فلا يغرنك شياطين الأنس طبعا شياطين الجن مصفدون.
وإلى سائقي المركبات السفرية بصات وحافلات اتقوا الله في هؤلاء الناس الذين على ظهور مركباتكم، فوراء كل واحد أسرة ويريد أن يقضي العيد بين أهله، فلا تكدروا عليهم عيدهم بلحظة طيش لا معنى لها. وأن لا تسمعوهم إلا ما يرضي الله، اغتنموا هذا الوقت الفائض في عمل خير اسمعوهم القرآن، اسمعوهم حديث العلماء، ومن العلماء من وهبه الله خفة دم تضحك العابسين.
قد يسول لك الشيطان أن أعبر وتخطى فلا تطعه لن تكسب إلا دقيقة أو دقيقتين أما إذا خسرت فقد تكون الخسارة فادحة عليك وعلى غيرك.
لا نملك إلا أن ندعو لشرطة المرور السريع أن يمضى هذه الأيام على خير وتتحقق السلامة التي هي غاية الجميع.
وتقبل الله الصيام والقيام والعيد مبارك عليكم واعفوا مننا.

الأربعاء، 7 أغسطس 2013

الانقاذ بين زمانين

  الثلاثاء, 06 آب/أغسطس 2013

كثير من القراء يذكرون كيف عالجت الإنقاذ في أيامها الأولى الأزمات وخصوصاً أزمة السكر، وكيف عوضه العامة والخاصة بالتمر وكيف كان مجلس قيادة الثورة يمارس دور القدوة حيث لا يحصل الواحد منهم على أية ميزة على المواطن. كانت بدايات متفائلة استقبلها الناس بتفاؤل شديد. ولكن للحكم آفاته، وللسلطان بطاناته التي لا يهدأ لها  بال إلا بإفساده لتفسد بعده وبتناسب طردي كلما طالت فترة الحكم استوطن الفساد وزاد الفاسدون وابتعد أو أُبعد الصادقون. «حسني مبارك كيف؟ ينفع مثال؟»
ما زلت أذكر تعميماً من مجلس الوزراء في تسعينات القرن الماضي ممهور بتوقيع الوزير محمد الأمين خليفة يطلب من كل الدوائر الحكومية أن تستخدم وجهي الورقة ولا تكتفي باستخدام وجه واحد ويترك الثاني بدون كتابة كنوع من التقشف وترشيد الصرف. بالله شوف الكلام دا كيف؟ ولو استجابت كل الدوائر الحكومية لطلب الوزير يومها كم سيكون مجموع ما وفرت؟ ولنقارنه بصرف اليوم. أقولك «عامية بدلاً عن أقول لك» نثرية سفرية واحدة لأي وفد طالع بدون برنامج وعائد بمذكرة تفاهم فقط لا تلزم طرفاً، ستساوي مئات أضعاف ما كان يطمح محمد الأمين خليفة في توفيره من استخدام وجهي الورقة.
نحن في زمان الوزير لا يركب الطائرة مع عامة الناس ومنهم من لا يقبل بالدرجة الأولى مترفعاً عن السياحية درجة العامة لكن الأمر وصل لدرجة أن يسافر الوزير من الخرطوم لمدينة تصلها على الأقل أربع رحلات في اليوم أن يسافر لها بطائرة ليس عليها إلا هو ومدير مكتبه وحرسه الخاص. وبمناسبة الطيران ذكرت قبل اليوم وأكررها رئيس الوزراء البريطاني وبريطانيا تشهد أزمة مالية رفض أن يركب في الدرجة الأولى في هذه الظروف وأصر أن يركب في الدرجة السياحية مع عامة الناس. «يا ربي إمكن نحنا ما عندنا أزمة مالية ولا شنو؟ وبريطانيا الجيعانة دي ما تجي تقول أقرضونا لنعدل من اقتصادنا المتذبذب!!».
بالله قارنوا بين بداية شرب الشاي بالبلح وبين سفر الوزير بطائرة تسع مئات الناس «يقعمز» هو فقط في مقدمتها وتنفث آلاف اللترات من وقود الطائرات الغالي. يوم سافر المرحوم عمر نور الدائم للنيل الأبيض بطائرة هيلكوبتر لمناسبة عزاء، سلقته صحف الإسلاميين بألسنة حداد وهو ما يقوم به اليوم أي موظف ناهيك عن وزير. والوزراء تطوروا لركوب طائرة طلب «أتذكرون تاكسي طلب وليس طرحه هذا لجيلنا فقط يوم كانت المواصلات تنتظر الناس وليس الناس ينتظرون المواصلات وتجد رتلاً من سيارات التاكسي البيجو والهيلمان تحت مظلات المحطة الوسطة أم درمان ليحملوك حيث تريد بخمسة قروش والبص بقرش ونصف».
هل مثل هذه التصرفات مرصودة؟ وهل هناك من القوانين واللوائح والبرتوكولات ما يحدد من الذي يسافر بالطائرة ومن الذي يسافر في الدرجة الأولى؟ ومن الذي يسافر في الدرجة السياحية؟ ومتى تستأجر الطائرة ؟ وممن تستأجر الطائرة؟ وبكم تستأجر الطائرة ؟ ومن الذي يأخذ الأذن للطائرة اذا كانت الرحلة خارجية؟ ومن الذي يرجع الطائرة وبالمناسبة أخذت أجرتها كاملة حتى طهران أم اكتفت بأجرة البحر الأحمر؟ كبداية للشفافية نتمنى أن يملك الشعب السوداني كل تفاصيل إرجاع طائرة الرئيس وأن يحاسب المقصر علناً وليس على طريقة الله يهديك يا فلان دي عملة تعملها تاني ما تعمل كده. هذه كرامة شعب انتهكت.

الكاملين لا تصوم

 الإثنين, 05 آب/أغسطس 2013 

بعد التخلص من مصلحة الأشغال التي كانت تقوم بالمباني الحكومية، وبعد التخلص من المخازن والمهمات التي كانت تقوم بالأثاثات الحكومية، ولن ننسى النقل الميكانيكي التي كانت تحدد مواصفات المركبات الحكومية وصيانتها. ليس هذا مجال أن نقول إن هذه القرارات كانت صائبة أو مرتجلة، فالأمر يحتاج بحثاً ليس هذا مكانه. ولكن كانت لها ميزات كثيرة وخصوصاً الأشغال حيث لها نماذج ثابتة ومدروسة للمباني الحكومية مثلاً المدارس المتوسطة لها خريطة واحدة  تجدها في كل نواحي السودان.
بعد غياب المؤسسات أعلاه صار القيام بدورها اجتهادياً كل يبتكر أسلوبا لسد فراغها. في كثير من المحليات غير محليات ولاية الخرطوم ــ تجد الأمر متروكاً للمجالس التشريعية، وقليل منها ما يعرف دوره، أو المعتمد أو المحافظ سابقاً. فمن هؤلاء من يعطي المال سائباً للجان الشعبية لتقوم بالبناء وقد تقوم البناء أو لا تقوم علاوة على أن تصل الأموال كلها أو بعض منها للقرية المعنية وكثير من هذه الأموال ضاع قبل أن يصل ولم يسمع به أحد في ظل عدم المحاسبة وربما الحصانة.
منَّ الله على محلية الكاملين بمعتمد حصيف وهمام «كل خوفي بعد الذي قيل في معتمد الكاملين يوسف الزبير أمام الوالي الزبير بشير أمس أن يطمع فيه الوالي في موقع آخر، فالوالي حفظه الله لا يبحث عن وجوه جديدة. فقط أمامه قائمة ثابتة من الأسماء يحركها من وزارة لوزارة» اللهم أحفظ للكاملين معتمدها. ومع احترامي لكل المعتمدين الذين مروا على محلية الكاملين فهو بكل المقاييس أنجح وأفيد معتمد مر عليها عرف خباياها بسرعة وهذه ليست شهادتي وحدي، ولكن شهد له بذلك الذين ناصبوه العداء عند مقدمه يوم تضررت مصالحهم الخاصة «في داعي نذكر أسماء». لا أجد أي حرج في الثناء على الأخ يوسف الزبير وإلى متى نستحي عن قولة حق في من يستحقها هل مهمة الأقلام النقد السالب فقط؟ اللهم تقبل من هذا المعتمد عمله واحفظه للمحلية.
جديد هذا المعتمد التنموي أنه ابتكر ما يعرف بالوثبات  في كل مرة يجمع مالاً كثيراً يوظفه للمدارس، مثلاً لا يقدم للجان الشعبية مالاً بل يقدم لهم طوباً وأسمنت وحديد تسليح وكمراً، يراه الجميع ويسمع به الجميع لا مجال لدنيء نفس أن تطاله يده. ويقدم أثاثات للمدارس والمستشفيات في هذه الوثبات ويعرج على دور العبادة وآخر ما رأينا في الوثبة العاشرة التي كانت في الوحدة الإدارية المعيلق أن كان للأسر المتعففة وسائل إنتاج مقدمة من ديوان الزكاة.
هذه الوثبة العاشرة «يعني سبقتها تسع وثبات» بالمعيلق كانت في عز نهار رمضان «صراحة الجو كان غائماً جداً وحلواً جداً والسماء ملبدة بالسحب لدرجة الخوف على قيام الاحتفال» كانت يوم السبت 3 أغسطس 2013 م وتم فيها افتتاح مشروعات تنموية مثل أستاد الشهداء وسوق الخضار وغيرها من مدرسة ثانوية. وكانت هناك كميات من مواد البناء ستوزع على كل قرى الوحدة الإدارية. كل هذا كوم ولكثرة تكراره لم يحرك الذين شهدوا اللقاء، ولكن ما أن ذكر طريق اللعوتة، المعيلق، أبو عشر إلا وتعالت الأصوات الطريق الطريق الطريق. مما يدل على أن هذه الولاية جيعانة للطرق، وتأخرت كثيراً في تعبيد الطرق والتي لا يخفى على ذي عقل أهميتها الاقتصادية وأثرها على الزراعة والصناعة وحراك الناس في كل النواحي، وذلك لتربة ولاية الجزيرة اللزجة.
تحدث المعتمد والوالي على أن أموال الطريقين ود السائح والمعيلق جاهزة، وشكراً وزير المالية على ذلك ونحن أيضاً نشكره على ذلك، وسيبدأ العمل بعد العيد ولكن الوالي تخوف من جرجرة المقاولين وذكر أنه دخل مع مقاولين كثيرين ثبت ضعف إمكاناتهم وأهدروا الوقت والمال. وطالب ناس المعيلق بأن يقوموا بدور الاستشاري ومراقبة المقاول الذي سيقوم بسفلتة الطريق.
ألم أقل لكم إن الكاملين لا تصوم عن التنمية في عهد يوسف؟

يمدون لسانهم للبرلمان

  الأحد, 04 آب/أغسطس 2013

بين يدي تشريع صادر من المجلس الوطني «البرلمان» تشريع  الجدول الرابع رسوم وقوف المركبات في الساحات الخارجية. من قانون الطيران المدني لسنة 2009 م.
تكون رسوم المركبات في الساحات الخارجية لمطار الخرطوم: ساعة أو جزء منها  واحد جنيه، ساعة إضافية أو جزء منها نصف جنيه، لمدة عام «50» جنيهاً.
مطارات الولايات «50%» من الأسعار أعلاه.
تُرى كم هي هذه الرسوم اليوم، وهل وافق البرلمان على ما طرأ من زيادات أم لم يستشره أحد، والجماعة عملوا ما عملوا على طريقة «هو البرلمان جائب خبر؟» ما هو تشريع والسلام.
بين يدي أيضاًً خطاب من مدير الإدارة العامة لمطار الخرطوم صلاح الدين سلام مهنا، إلى المدير العام لسلطة الطيران المدني يعرض له طلب شركة «الوثبة» ومبرراتها التي منها التضخم، وتكلفة التشغيل، وارتفاع ضريبة القيمة المضافة من «15 %» إلى «17%» لهذه المبررات والتشغيل الآلي الذي تطلب زيادة عمالة «صراحة هذه لم تدخل دماغي أبداً إذ العكس دائماً هو الصحيح كلما استخدمت برامج وآلات قلت العمالة». لكل هذه الأسباب وأخرى تطلب شركة «الوثبة»، التي شيدت المظلات بنظام البوت، تطلب رفع قيمة الساعة الأولى من جنيهين إلى ثلاثة جنيهات. وهنا نسأل متى صارت جنيهين، وكيف وهل يعلم البرلمان بهذه الزيادة، وهل أجرى تعديلاً في تشريعه أم هو على طريقة الأفلام المصرية.. آخر من يعلم.
وتطلب رفع أجرة المسار من «500» جنيه إلى «800» جنيه، والمسار خارج المطار من «500» جنيه إلى «1000» جنيه. ومواقف خارج المطار من «1800» جنيه إلى «2200» جنيه. صلاح كان حنيناً مع شعبه، إذ طلب بعد التفاوض مع شركة «الوثبة» أن تقتنع  بدلاً  من «2200» فقط تخفضها إلى «2000» جنيه، والمسار الخارجي من «1000» إلى «950» جنيهاً. أما سيارات المواطنين عليهم دفع مبلغ «3» جنيهات على الساعة الواحدة ثمناً لوقوفها في حوض الكوثر المطاري، وهو مواقف المطار سائبة، ما هو الذي يدخلها مضطر ولا بدائل له لذا وجب عليه أن يدفع ما تراه شركة الوثبة، بلا برلمان بلا لمة.
إذا اتضح أن ما ذكرناه لم يمر على البرلمان للتعديل، فتلك مصيبة ولا معنى لتشريع غير مطبق «هو نحنا عندنا فائض حبر» وعلى البرلمان أن يأخذ إجازة أبدية إذا كانت قوانينه وتشريعاته لا تُحترم.
أما إذا ما عدل البرلمان هذه الزيادات واعتمدها بناء على هذه الأعذار وخصوصاً زيادة القيمة المضافة، فعليه أن يرى كيف يستفيد السوق من رفع القيمة المضافة، القيمة المضافة «2%» السوق رفع «50 %». وهذا من القرارات غير المدروسة بعناية أو هي من استسهال التشريعات الكسولة التي لا تعرف إلا الإيرادات السهلة.
نريد أن نعرف ماذا تقدم شركة «الوثبة» مقابل هذه الرسوم للسيارة، علف يعني؟ مربط؟ ما هي شمس ربنا تصقع في السيارة إلى أن يعود صاحبها!

د. أنس البدوي «الله يباركك»

  السبت, 03 آب/أغسطس 2013 

أول مرة أسمع اسم د. أنس كان من صديقنا وأخونا الكبير بروف محمد عبد الله الريح، حيث قال له بعد التشخيص لن تغادر من هنا إلا إلى مركز القلب وقد كان ومنَّ الله عليه بالشفاء.
في الأسبوع قبل الماضي شعر قريبي وهو طبيب بألم شديد شخَّصه مبدئياً بأنه ذبحة صدرية رغم صغر عمره على مثل هذا المرض. ما كان عليّ إلا ان آخذه بعجلة شديدة إلى الخرطوم وبسرعة تقارب سرعة الإسعاف دخلنا الخرطوم معي ابنتي «طبيبة» كان مقترحها أن نذهب به إلى مستشفى الزيتونة، فهو من المستشفيات القليلة  التي يوجد فيها الإختصاصي ملتزماً بالمستشفى وحده على عكس كثير من الإختصاصيين الممتازين جداً، ولكن يصعب التنبؤ بأين هو الآن؟ هل هو في العيادة أم في المستشفى الحكومي أم في المستشفى الخاص. يبدو أن مستشفى الزيتونة قد فعل ما يجعل الإختصاصي لا يبرحه لغيره، وهي واضحة طبعاً.
دخلنا المستشفى وقدمت له الإسعافات الأولية وطُلب الإختصاصي د. أنس بسرعة رغم قرب موعد الإفطار، وقام بالواجب هو والفريق الذي معه وزيادة وأدخله بسرعة لقسطرة، الحمد لله وبعد عدة أيام قسطرة ثانية وعلاجات منَّ الله عليه بالشفاء، أدام الله الصحة والعافية لنا ولكم ورزقنا الشكر على العافية.
في رأيي أن مستشفى الزيتونة قام بالخطوة الأولى التي يفتقدها المجال الصحي وهو التزام الطبيب بمكان واحد، ولكن بقيت خطوة أخرى هي تجميع عدد من الاستشاريين لدراسة بعض الحالات التي تحتاج مشورة أكثر من إختصاصي وهي ما يفتقده المجال الصحي، فأطباؤنا  حفظهم الله يعملون فرادى ولا يستعينون بخبرات بعضهم البعض وهذا شيء ضروري.
طبعاً نفقات المستشفى عالية لا يحتملها إلا ميسوري الحال أو المتكافلون اجتماعياً.
الدكتور أنس حفظه الله لم يصل إلى ما وصل إليه في هذا المجال بين يوم وليلة، ولكن قولوا ما شاء الله وإليكم بعض من سيرته الذاتية.
أنس البدوي بابكر... مواليد الشمالية. البركل.. خريج كلية الطب جامعة الجزيرة 1995 أول الدفعة.. زمالة الكلية الملكية البريطانية لأختصاصيي الباطنية... زمالة الكلية الملكية الآيرلندية لأختصاصيي الباطنية.. ماجستير العلوم الاكلينيكية آيرلندا... حائز على جائزة جمعية القلب الآيرلندية للابتعاث لأسبانيا حيث حصل على زمالة القسطرة القلبية مدريد أسبانيا.. زمالة أمراض القلب والقسطرة الكلية الملكية الآيرلندية.. بروفيسور مشارك جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا.. منسق جمعية القسطرة التداخلية السودان... السكرتير الأكاديمي لجمعية القلب السودانية... عضو دائرة القلب المجلس الطبي السوداني... عضو لجنة التدريب لدائرة القلب بمجلس التخصصات الطبية السودان.
لا نملك إلا أن ندعو لك د. أنس وفريقك  دعوات من قلوبنا أن يحفظكم الله ويجري الخير على أيديكم ويكثر من أمثالكم.

فوضى التعليم غير الحكومي

  الخميس, 01 آب/أغسطس 2013

المتجول في شوارع العاصمة الخرطوم لا بد أن يستغرب كثرة اللوحات أو «اليافطات» التي تدل على وجود روضة أو مدرسة كذا الخاصة .لا أقول في كل شارع روضة بل في كل شارع عدد من الرياض، ولو قدر لمحصٍ أن يحصيها فسيجد لكل عشرة منازل روضة. والله اعلم
ولا نريد أن ندخل في ما تقدم هذه الرياض، وكتبنا عن ذلك قبل اليوم، ولا نريد أن نتطرق اليوم لابتزاز الأسر عبر الطفل لجمع كثير من المال بغير وجه حق ولا مقابل مفيد، هذا إذا لم يتعده للضرر التربوي الذي حكينا عنه قبل اليوم من الذي يقدم في حفل التخريج وسط زغاريد صغار الأمهات وصغار الآباء أحياناً.
الذي نريد أن نقف عنده اليوم هل تعلم إدارات التعليم بكل هذه الرياض؟ هل تشرف إدارات التعليم على كل هذه الرياض؟ هل تعرض هذه الرياض الأسماء على إدارات التعليم؟ هل تملك إدارات التعليم معلومات عن هذه الرياض مثل عدد المدرسات  فيها ومؤهلاتهن؟ وماذا يقدمن؟
أم تكتفي إدارات التعليم بالمقابل المادي الذي تدفعه  الروضة للمحلية وكأنها كشك اتصالات أو كشك تمباك.
أشك في أن تجيبني محلية من محليات الخرطوم بأنها تعرف كل ما يجري داخل هذه الرياض من عدد للتلاميذ وعدد المدرسات ومؤهلات المدرسات وما يقدم في هذا المجال. وشكي منبعه لو حددت إدارات التعليم مشرفاً لكل عشرة رياض لما وجدت عدد المشرفين وذلك من كثرة الرياض وقلة المشرفين.
حتى مشرفي هذا الزمان، نمت بينهم وبين مؤسسات التعليم الخاصة من العلاقة ما يجعل الإشراف على هذه المؤسسات لا فائدة منه، وربما يكتفي المشرف بكتابة تقرير «أخير عدمو» من قلة ما به من صدق، والمقابل العلاقة التي تحدثنا عنها، وإنه لأمر مؤسف أن تلحق تهمة المحاباة بالتربويين «إن لم نتهمهم  بأسوأ من المحاباة»  وتقف حائلاً دون كتابة تقرير واقعي تبنى عليه معالجات تصلح حال التعليم المائل جداً.
لا يظنن ظان اني ضد التعليم غير الحكومي، فالتعليم أصبح خدمة لا تستطيعها الحكومة فقط، ولا بد من الاستفادة من القطاع الخاص، ولكن هذ الفائدة يجب أن تكون مبنية على أسس، ولا أحسب أن هناك قصوراً في قانون التعليم غير الحكومي، ولكن القصور الذي وصل مرحلة الانفلات في  التطبيق.
ما لم تكن لإدارات التعليم القدرة الكاملة على مراقبة هذه الرياض وهي أساس التعليم وهي مرحلة تعليمية حقيقية لحداثتها لم يؤلها القائمون على التعليم كثير اهتمام لأن معظمهم تقليديون لا يقرون إلا بما تربوا عليه، فلن ينصلح الحال، وهذا ليس انتصاراً للروضة ضد الخلوة، وهذا موضوع آخر. والذي يريد أن يبني بنيانا لا بد أن يتأكد جيداً من مواصفات الاساس، وإلا سيصعب علاج كل ما بني فوق أساس ضعيف إن لم نقل سينهار حتماً.
أي حديث عن إصلاح التعليم يجب ان يبدأ بالروضة، وما لم نعد لها المنهج الجيد والمدرسة المؤهلة والبيئة والوسائل المدروسة، فعدم قيامها خير من هذا الواقع البائس.
رب سائل يسأل نراك تتحدث عن الخرطوم، فما بال الولايات الاخرى؟ وإّذا صلح الرأس ستنصلح الفروع المقلدة، وهل تملك الولايات إلا محاكاة الخرطوم؟
وقديماً قال ود المكي: ما أتعس رأساً مشلول الأقدام.
تقبل الله صيامنا وصيامكم.

سفير داعية بدون مخصصات

  الأربعاء, 31 تموز/يوليو 2013

في سبعينات القرن الماضي سكنت مع عدد من الإخوة الأفاضل «العزاب» بعضنا طلاب بجامعة القاهرة فرع الخرطوم وبعضنا موظفون.. كانوا كلهم وبالإجماع على خلق عالٍ وصفاء نادر... لكن كان أميزهم الأخ عثمان عبد الله ساتي.. الآن د. عثمان عبد الله ساتي.
عثمان عبد الله ساتي الذي ساكناه في ذاك الوقت في منطقة الديم، رجلُُُ صاحب خلق رصين ومودة نادرة هاش باش لا تفارقه الابتسامة وطلاقة الوجه.. يكاد يذوب في حب إخوانه وخدمتهم... لم أر مثله في هذا الزمن... وليس عجيباً أن أباه كان بنفس الصفات وقد كان يزور ابنه من حين إلى آخر وكنا نستمتع بمكثه بيننا اليوم واليومين لما فيه من الأبوة والحنو والمحبة وخفة الظل.
زرت المملكة الأردنية عام 2011 لعلاج زوجتي حيث أُجريت لها عملية جراحية... وأثناء فترة نقاهتها أجريت أنا منظاراً للكلى.. بعد خروجي من المنظار بنصف ساعة نهضت لكي أرجع إلى حيث تركت زوجتي وحدها بالشقة المستأجرة... لكن أحد الأخوة الأردنيين «مهندس» وكان يرافق والده الذي أجرى عملية منظار شبيهة بعمليتي... هذا الشاب أصر أن يقلني بعربته إلى حيث أسكن.. ولم يمض على خروج والده وقت بل ما زال والده يحتاج إلى العناية.. أصر هذا الشاب أن يقلني إلى سكني ولم أستطع إثناءه  عن إصراره...
رغم اعتذاري له وقلت له إنني في كامل وعيي وأستطيع أن أصل بالتاكسي.. والمسافة قصيرة ووالدك يحتاجك... لكن لا فائدة من كلامي فهو مصر.
في الطريق سألني هل تعرف سوداني اسمه «عثمان عبد الله ساتي»؟ قلت له هو أخ وصديق وسكنا معاً فترة بمدينة الخرطوم.. وكاد الرجل يطير من الفرح وقال لي هو نفسه عثمان الذي أعني؟ وأكدت له أنه هو نفسه وعندما تأكد الرجل من صدق قولي  قال لي هل تصدق أنني أقوم بتوصيلك الآن وفاءً لهذا الرجل عثمان عبد الله ساتي وقد نذرت أن أقدم خدمة لأي سوداني يقابلني إكراماً لهذا الرجل وبراً ووفاءً فقد كان على رأس اتحاد الطلاب العرب بباكستان وقد رعانا وحل مشكلاتنا واهتم بنا وقدم لنا خدمات لا تحصى.. بلغه تحياتي وعنواني أنتم كرماء أيها السودانيون.
معذرة أخي عثمان ساتي لا أريد أن أقصم ظهرك... لكني حكيت هذه القصة لأحد الإخوة وأصر علىَّ أن أنشرها، فاخترت العمود الزاهر الباهر عمود الأستاذ أحمد المصطفى لتكون واحدةً من مآثر السودانيين وأفضالهم على الناس.
 تاج الدين محمد عثمان
 من الاستفهامات: تاج الدين، ولكن من أين جاء هؤلاء؟

بداية التغيير البرلمان

 الثلاثاء, 30 تموز/يوليو 2013

تتناقل المواقع الأسفيرية تكهنات التغيير المرتجى ومنهم من سماه التعديل. والذي يعدل يكون سليماً إلا قليلا أم الذي يُغير فهو الذي تعدى النصف. وعلى طريقة مدرسي اللغة العربية في دروس الإملاء «صحح ، أعِد» صحح تعني أن لك عدة أخطاء فصححها أما «أعد» فتعني إعادة الإملاء من أولها لكثرة الأخطاء.
والمطلوب الآن «أعِد».
تناقلت الأخبار ان الأستاذ علي عثمان سيكون رئيس البرلمان بدلاً من الاستاذ أحمد ابراهيم الطاهر هل الذي صفق لرفع الدعم عن الوقود هو رئيس البرلمان أم الأعضاء؟ هل الذي مرر القروض الربوية هو الرئيس أم الأعضاء؟ هل الذي أجاز كل ما عرض عليه هو الرئيس ام الأعضاء؟
إذاً من أولى بالتغيير رئيس البرلمان أم أعضاء البرلمان؟؟
المطلوب انتخابات مبكرة للبرلمان، وليس ذلك بالغريب ولا بالمستحدث. الكويت تغير برلمانها في السنة عشر مرات. المطلوب انتخابات تأتي ببرلمان يخيف الحكومة ويقفها عند حدها همه الأول والأخير الشعب وليس الحكومة والمخصصات. برلمان لا يبكي نائبه عندما يشم تسويفاً في تشييد طريق بارا، برلمان يبكي الوزير والمسوفين أمامه وليس النواب. «مع تقديري لغيرة النائب الذي ذرف الدموع على تسويف طريق أم درمان بارا».
ومجلس الترضيات ذلك الذي يسمونه مجلس الولايات يجب أن يذهب غير مأسوف عليه وإرضاء الأشخاص من مال الشعب يرقى لمرتبة الجريمة كل من فقد منصباً بحثت له الإنقاذ عن موقع وكأنها التزمت بإعاشة السياسيين وأشباه السياسيين من مال الشعب.
إعادة انتخابات البرلمان مطلب عادل ومقبول ومخرج للحكومة وللمؤتمر الوطني. إذا ما صدق المؤتمر الوطني في أنه ينوي إصلاحاً حقيقياً وليس اضاعة وقت، عليه أن يجرى انتخابات تأتي له بمعارضة قوية ترى كل العيوب وتصلحها. ويجب أن يكون صادقاً في الانتخابات وتركها تأتي برجال أقوياء يمثلون الشعب ولا يمثلون الحكومة ،عندها، سيصلحون ما لم يصلحه البرلمان المدجن أو البرلمان المصفق. سيحاسبون الجهاز التنفيذي ويضعونه تحتهم لا فوقهم ويحقون الحق ويحاسبون المفسد الذي عجزت الإنقاذ عن توصيفه. وما الفساد الذي نحن فيه إلا فساد بالقانون ولا يصلح القوانين ويعيد النظر فيها إلا البرلمان.
القانون والعدالة والقضاء كفيل بأن تسير الدولة وتجعل من الرئيس كملكة بريطانيا عندها سيقوم كل جهاز بما عليه وليس هناك كبير فوق القانون إذا ما سعى المؤتمر الوطني لإصلاح حقيقي ومعرفة وزنه وتبصيره بما أوصله لهذه المرحلة، عليه تمكين القانون والعدل وستسير الأمور بالتي هي أحسن بالصدق لا بالتصديق.
وصراحة سيجد المؤتمر الوطني مخرجاً محترماً يحاسب له من عجز عن محاسبتهم وعجز عن مناصحتهم وكادوا يقولون نحن فوق الحساب.
كل برلمان رضي عنه الجهاز التنفيذي هو برلمان ضعيف إن لم نقل هو برلمان فاشل. مع احترامي لبعض الأصوات داخل قبة البرلمان.

تعديل وزاري أم تعديل منهج؟

  الأحد, 28 تموز/يوليو 2013   0

شرشل يسأل بعد الحرب عن الاقتصاد البريطاني فيأتيه الرد أسوأ ما يكون، ويسأل عن القضاء ويأتيه الرد عن القضاء بخير يقول قولته المشهورة: «إذاً بريطانيا بخير».
كثر الحديث في هذه الأيام عن تعديل وزاري مرتقب وبدأت بعض الأمنيات بتغيير كل الوجوه القديمة، ولكن لم يحدد المتمنون قائمة الوجوه القديمة بدقة، وإن تحققت أمنيات هؤلاء المتمنون فإن هذا في رأيي ليس الحل لما نحن فيه.
التغيير المطلوب في رأيي هو تغيير المنهج كله وطريقة  إدارة الدولة من أولها لآخرها. ما وصلنا إليه في دولة الحزب الواحد قاد البلاد إلى دولة حزب واحد وأنها حكومة قاعدة عريضة وتشارك فيها كل الأحزاب أو معظم الأحزاب، فليثبت أن هناك أحزاباً لها رؤية وبرنامج  شاركت به ونفذت منه ولو «1%» . أو اشترطت شروطاً قبل الدخول في الحكومة تم تنفيذها.
الاقتصاد المائل والمعترف بميله من الجميع  ما حله؟ وكم من الخطة التقشفية التي سمعت به تم تنفيذه وأخص الصرف الحكومي هل نقص عدد السياسيين، والذي هو من أكبر علل هذا الاقتصاد ، كم عدد الدستوريين؟ كم عدد الوزراء؟ مخصصاتهم في ازدياد أم في نقصان هل الفطام سهل؟
هل في هذه الدولة جهة تحاسب المقصرين؟ هل في هذه الدولة ،الآن، مكان للمناصحة، وكلما خرج صوت صادق وعدد العلل وطالب بالعلاج ذهب إلى غير رجعة وأُقصي والعين على الآخرين على طريقة «دق القراف خلي الجمل يخاف» ويُسكتون واحداً واحداً وحتى لا يسمع السائق ما يزعجه.
ما لم تضع خطة واضحة المعالم توقف هذا الترهل وهذه الترضيات وهذا الانفراد وتسمح بالرأي والرأي الآخر وتجيب عن كل الأسئلة التي في الساحة وترد على كل التهم تهمة تهمة ومن جهات الاختصاص. ولا يكفي ولا يقنع منطق الذي يملك دليلاً على فساد فليتقدم للمحاكم. الدليل عند الجهات الأمنية وهي التي يجب أن تقدم الدليل، فهي خادمة الشعب في هذا المجال وليس وظيفتها تزيين الصورة وكتم أخبار الفساد. فالسكوت على الفساد يزيده ولا يجمله.
وقبل الحديث عن الفساد نريد تعريفاً واضحاً للفساد، فكثير من يحسبون في قائمة الفاسدين لا يرون أنفسهم كذلك، وأن كل الذي جنوه مسموح به قانوناً. إذاً تعريف الفساد ومراجعة القوانين هي بداية التصحيح. كثير من المؤسسات وضعت قانونها بيدها وحددت مخصصاتها بيدها وهبرت وهبرت بلا حدود أتريدون أمثلة؟
مراجعة القوانين وخصوصاً الجديدة التي صدرت في السنوات العشر الماضية هي مربط الفرس، وهي ما سمحت لهيئات وشركات الدولة أن تسبيح المال العام وتصرف بلا أخلاق على منسوبيها.
إذا لم يشمل التغيير كل الطاقم القديم وأركز على كل، وقد أسميه الشلة، فلن يجدي تعديل وزاري يحول زيداً من وزارة كذا لوزارة كذا. وما دمنا بدأنا بشرشل دعونا نختم بقول إبراهيم ناجي:  اعْطِني حُرِّيَتي اَطْلِقْ يَدَيَّ... إِنَّني أَعْطَيْتُ مَا اسْتَبْقَيْتُ شَيْئاً.
فكل المعمرين السياسيين اعطوا ما في رؤوسهم وما فضل فيها شيء غير التكرار الممل وأحياناً تكرار الفشل وعدم تصحيح الأخطاء المتفق عليها، ومنها الحديث في الهواء الطلق والهوشات.
تقبل الله صيامنا وصيامكم. 

المولود الملكي!!

  الخميس, 25 تموز/يوليو 2013  

بالله من يحكم هذا العالم؟
ما من موقع إخباري أو قناة إلا لمولود العائلة المالكة البريطانية فيه نصيب «وليام جابو ليهو ولد» ولم يقولوا تعالوا للسماية ولا الكرامة.
  عندما تلد الأميرة كيت ولداًَ يكون هذا هو الخبر الذي عسكر الصحافيون له عند المستشفى نقتبس «بالرغم من عدم إعلان موعد رسمي لعملية الوضع، إلا أن الصحافيين خيموا خارج المستشفى منذ منتصف يوليو/ تموز الحالي وهو التاريخ الذي انتشر على نطاق واسع كموعد لوضع المولود». ولية أو حرمة عايزة تلد الجديد شنو معسكرين خارج المستشفى!! ما أتفه اهتماماتكم.
«إعلاميون ومصورون حضروا من جميع أنحاء العالم لتغطية حدث ولادة الأميرة كيت زوجة الأمير وليام طفلها الذي سيبصر النور في غضون أيام قليلة». لنبطل صحة هذا الخبر الذي يقول إعلاميون ومصورون من «جميع» أنحاء العالم: كدي قولوا لينا المشى من السودان منو؟ أو من تشاد منو؟ هنا تسقط كلمة «جميع» إلا إذا كانت هذه الدول ليست من دول العالم؟
شوف الأب الأمير وليام عمل شنو: حصل الأمير وليام على إجازة أبوة لمدة أسبوعين من عمله في سلاح الجو الملكي. عايز ترضعو!!
خروج من المستشفى:
«غادر الأمير وليام حفيد الملكة اليزابيث ملكة بريطانيا وزوجته كيت ميدلتون المستشفى اليوم الثلاثاء ليلقي العالم أول نظرة على مولودهما الذي أصبح الثالث في ترتيب ولاية التاج البريطاني.
وبعد أن التقطت الصور للأمير وليام وزوجته أمام وسائل الإعلام العالمية قالا إنهما في سبيلهما لاختيار اسم للأمير الجديد!
وابتسمت الأميرة كيت التي كانت ترتدي فستاناً باللون الأزرق الفاتح وبه نقط بيضاء ولوحت للجموع الغفيرة التي كانت بانتظارهما وهي تحمل وليدها».
بالله هل هؤلاء القوم عاقلون؟ ترتدي فستاناً بلون أزرق وبه نقطة بيضاء!! يا عالم معقولة بس يكون دا العالم الأول وهذه اخباره وهذه اهتماماته؟؟
أثر المولود الملكي على الاقتصاد البريطاني: «أصدر» المركز البريطاني لدراسات البيع والتسوق«دراسة خلصت إلى أن ولادة الطفل الملكي، للأميرة كيت والأمير وليام، والمنتظر قدومه قريباً سيجلب مبلغاً مالياً هائلاً للاقتصاد البريطاني يقدر بنحو 284 مليون يورو».
«يحث ما لا يقل عن خمسة ملايين مواطن على شراء ما يقرب من ثلاثة ملايين زجاجة شمبانيا». موجة استهلاكية سيستفيد منها ولا شك الاقتصاد البريطاني الذي يصارع للخروج من حالة الكساد والأزمة المالية الخانقة.
يا عالم مستشفى الدايات بيلدوا فيه كم كل يوم واقتصادنا لا يتأثر بذلك.
 الإعلام العالمي هل يملك ضميراً؟
نشرات الأخبار تسيل دماً لا تخلو نشرة أخبار إلا وقتلى بطائرة بدون طيار انطلقت من قاعدة تابعة لدول الظلم العالمي تقتل من تقتل وتعود. وعشرات السيارات المفخخة في العراق ولبنان وقتلى بالمئات في سوريا كل يوم وحصيلة أية نشرة أخبار يكون النصيب الأكبر من القتلى مسلمون وقد تمتد خريطة القتل حتى بورما. وكأن هؤلاء الموتى عصافير. ولم تلدهم كيت!
ألا ترون أني شاركت في هذا الهوس بطريقة غير مباشرة؟؟
أعاننا الله وإياك على صيام رمضان وقيامه.

كهرباء: الصحــة ليست خدمة!!

  الأربعاء, 24 تموز/يوليو 2013  

كم مرة كتبنا عن تقدم الكهرباء كماً ونوعاً وانتشاراً؟ ولا شك أن أكثر المرافق التي شهدت طفرة كبيرة هي الكهرباء، فأبراجها قطعت الفيافي ووصلت معظم أطراف البلاد منتشرة من وسطها، ومن حيث الثبات اختفت والحمد لله كلمتا «قطعت، جات» واختفت والحمد لله أصوات المولدات المزعجة التي كانت تنتشر أمام المحلات بأصوات تصيب المارة بالصمم.
ووجدت الزراعة منها نصيباً ــ ولو على النيل فقط ــ وبتعرفة مقبولة للطرفين، وانتشرت مكيفات الهواء صناعة وتوزيعاً وخصوصاً في الصيف وفي رمضان على وجه أخص ، أما عن التطور الرقمي فكانت رائدة وما عدادات الدفع المقدم إلا واحد من شواهد هذا التقدم.
وبعدين معاك بعد كل هذه المقدمة الحلوة عايز تقول ولكن؟ طبعاً عايز أقول ولكن.. ولكن هناك الكثير الذي يحتاج مراجعة، منه على سبيل المثال تكلفة إدخال الكهرباء، أسعار الأعمدة والمحولات والأسلاك خرافية، هذا إذا لم نقل هي على مقدم الخدمة وليست على المستهلك. وبعد إدخالها تأتي رسوم العداد الشهرية لا منطق يسندها أبداً، فلماذا يدفع المواطن رسوم عداد هو أصلاً اشتراه ودفع قيمته وقيمة ملحقات إدخال الكهرباء «هذا يحتاج إلى فهامة» ولا يسنده إلا الاحتكار وعدم المنافسة في هذا المجال مجال توزيع الكهرباء.
غير أن الجديد الذي من أجله أمسكت قلم العصر الكي بوري والذي دفعني للكتابة، هو تعرفة الكهرباء للقطاعات التالية: سكني، تجاري زراعي، حكومي.
فقد رفعت شركة التوزيع تعرفة المرافق الحكومية من «33» قرشاً إلى «70» قرشاً لأسباب لم أقف عليها، ولكن ربما لتقتصد بعض الجهات الحكومية في استهلاك الكهرباء. وكثير من مكاتب الحكومة صارت تفتح «ولا أقول تعمل» أكثر من الوقت المحدد للعمل ليستمتع الموظفون بالتكييف على حساب الحكومة، وربما هناك مسببات أخرى ننتظر أن تشرح لنا.
وتم استثناء المساجد ومحطات المياه من هذه التعرفة وبقيت على ما هي عليه «33» قرشاً باعتبارها مرافق خدمية. ولم يشمل الاستثناء المستشفيات مما يعني أنها استثمارية أو رفاهية «عمركم شفتو زول مشى يتفسح في المستشفى غير شاعر «يوم الزيارة» التي يغنيها الكاشف».
لا أرى فرقاً بين أهمية الماء والمستشفى، غير أن المستشفيات أولى بهذا الاستثناء من المساجد للحاجة لما بها من أدوية ومعامل ومعدات إن اقتصدوا في تبريدها ربما تكون الخسارة مضاعفة.
ولك أن تتخيل مريضاً بالأزمة «ضيق التنفس» والمستشفى لا يجد من الكهرباء ما يريد، ألا يؤدي فقد الكهرباء أو ترشيدها إلى فقدان حياة الكثيرين؟ «وح تمشوا من ربنا وين» وهو القائل «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا» المائدة «32»
ثم ثانياً كثير من هذه المستشفيات تحتاج إلى دراسة حالة، فمنها ما تديره وزارات ضعيفة الموازنة، ومنها ما يدار شعبياً ومنها ومنها. ولكل ذلك أرى أن تستثنى المستشفيات قبل المساجد والآبار من هذه التعرفة الباهظة «70» قرشاً للكيلووات، وقد يدفع متخذ القرار أضعاف ما يجني من هذه المستشفيات.
يا مواهب الرحمن، يا علي عبد الرحمن، يا أسامة هل من إعادة نظر؟
أعاننا الله وإياك على صيام رمضان وقيامه.