الأربعاء، 27 يناير 2010

الرشوة تمحق بركة الزراعة

تقول العرب : (حشفٌ وسوء كيلة) الحشف هو رديء التمر وسوء الكيل نقصه.
لو كان من مزارعي الجزيرة من يحفظ هذا المثل لوجد له مكاناً في تسويق قمح هذه الموسم. لابد من سؤال لماذا لم يستلم كثير من المزارعين حتى كتابة هذه السطور مبالغ قمحهم على قلتها مقارنة بكثير من الذي يُصرف عليه؟ ( حقارة ولا شنو؟ أنا عارف مثل هذه القضايا لا تهم اتحادهم الذي هو في مكان آخر عن همومهم).
القصة وما فيها ليشاركنا عامة القراء أن مساحة كبيرة بمشروع الجزيرة زُرعت قمحاً وقدر الله أن يكون الإنتاج وفيراً لحد كبير ( وذلك لرحمة من الله بان كان موسم الشتاء طويلاً وبارداً والبرودة من متطلبات القمح) فرح المزارعون بالمحصول الذي هو ليس القوت الأساسي لهم.وأعانوا الدولة في تأمين جزء من الأمن الاقتصادي.
التفتوا وبحثوا عن طريقة لتسويق القمح، التكلفة عالية مما جعل سعر القمح لا ينافس المستورد تدخلت الدولة مشكورة والتزمت وزارة المالية بدفع الفرق بحيث يشترى المطحن القمح ب 770 جنيه للطن يدفع المطحن 600 جنيه وتدفع وزارة المالية 170 جنيه فرح المزارعون وشكروا وزارة المالية على واجبها الذي يجعل زراعة القمح في المواسم القادمة جاذبة. (تطير عيشة جاذبة مرة محشورة مع الوحدة مرة مع الزراعة مرة مع ...).
ذاق المزارعون الويل في تسليم القمح للمطحن(س) ( بالمناسبة اسم المطحن مع علم الجبر يحلوك من عدة مشاكل). انتظروا الأيام والليالي يلتحفون الثرى ليسلموا قمحهم للمطحن.
وبدا مسلسل الدفعيات طوابير وانتظار.مرة يصرفون جزء من دعم المالية ومرة يصرفون جزء من الذي على المطحن. ومنهم من صرف كل شيء كاملاً بلا نقصان ولا تأخير.
والطيبون المنتظرون بركة ما زرعوا ليأكلوا حلالاً مازالوا ينتظرون ويبدو أن انتظارهم سيطول كسائر الخير في بلادي.
لا يحدث الفساد إلا من خلل في النفوس وفي بعض مفاصل النظام. لو جهز المشتري ودفع كلما عليه دفعة واحدة لما حدث الذي حدث.ولو كان للزراعة احترام في بلادنا لما كان كل هذا (الاستكرات) للمزارعين. وماذا سيكون حال المحصول القادم؟؟؟؟ من يصدق مشترياً بعد اليوم؟ ولماذا نزرع ولا نعرف لمنتجاتنا أسواقاً.طبعاً للقطن مشتر وحيد عفواً سمسار وحيد يهز بعز عصا الدولة يأمر الناس بأن يزرعوا ويشترى كما يشاء ويبيع كما يشاء ويسدد متى شاء. والويل لمن يترك زراعة القطن أو يحدث الناس عن عدم جدوها.
ما معنى زراعة بلا سوق صادقة؟؟؟؟
لقد صاح المطحن سأشتري سأشترى وصدقوه ولم يفِ ولن يصدقوا مطحناً آخر وليأكل النمر المطحن.


الوسط الاقتصادي أغسطس 2007 م

ليست هناك تعليقات: