السبت، 2 يناير 2010

إنهم يفسدون القادة

مازلت اذكر قول احد العراقيين بأنهم ثلاثون مليوناً.سألوه كيف والكل يعرف إنكم 17 مليون عراقي؟ قال: 17 مليون عراقي و13 مليون صورة وتمثال للمهيب صدام حسين.
ترى كم نحن بعد اوكامبو؟ 39 مليون + كم صورة على المباني و على الطرقات وعلى السيارات؟؟؟
كان من اشراقات ثورة الإنقاذ في بداياتها أن لا تُعلق صورة أحد على جدار.في محاولة ذكية لتتميز عن كثير من أدبيات رؤساء العالم الثالث وخصوصاً العربي حيث صور القائد او الزعيم في كل مكاتب الدولة وكل طرقاتها مليئة بتماثيل وصور للرئيس وأحيانا أنجاله ( والراجل يفتح خشمو يشوف نجوم الظهر).
يبدو ان بعضهم لم يعجبه هذا الأدب وكان يتحين فرصة ليرمي بأدب عدم وضع صور على الجدران والطرقات. غير إن آخرين لهم رأي آخر يوم كان يقود المركب رئيسين أي الصور تُعلق على جدران المكاتب والطرقات صورة الشيخ ام صورة الجنرال؟؟
طوال عمر ثورة الإنقاذ المديد - ولك أن تقل المجيد - صمد أدب عدم نشر الصور على الجدران والطرقات. واحسب أن الرئيس شخص عُرف بالبساطة والطيبة وهو سوداني أصيل وشجاع ( هل بعد سفره لمؤتمر الدوحة يحتاج دليلاً أو إثبات شجاعة؟ في وقت لا يتحرك كثير من الرؤساء داخل دولهم إلا بالطائرات ولا يقابلون جماهيرهم إلا من وراء حجاب).
المفسدون كانوا على أهبة الاستعداد لاقتناص أي مناسبة يخرجون بها عن التزام عدم نشر الصور، وجاء اوكامبو ( بالمناسبة ما عاد الإنسان في حاجة ليكتب محكمة الجنايات الدولية، فقط قولك اوكامبو يوفر لك هذه العبارة الطويلة وكأن المحكمة ملكه الخاص.
جاء قرار اوكامبو وخرج حارقي البخور وانتشروا كالجراد ولسان حالهم :والله لو فوتتم هذه الفرصة لن تقوم لكم قائمة ، يلا اخرجوا كلكم.
ونشروا صورة الرئيس على الطرقات بأعداد مهولة وعلى ظهور السيارات وفي كل مكان تلفت تجد صورة للرئيس بواحد من أزيائه العسكري آو الزي السوداني آو الزي الافرنجي وتحتها عبارة مثل (كلنا فداءك) عبارة مغالطة كيف نكون كلنا فداءه؟ وماذا يفعل بعد أن نذهب كلنا ما فائدة بقائه؟ لو قالوا أنت فداءنا لكان أصوب والله اعلم.
صبرت على هذا الموضوع في صدري منذ مارس حتى أمس ولكن بالأمس جد جديد على طول طريق الخرطوم مدني وفي المسافة التي رأيتها من جياد للخرطوم لوحات كبيرة عليها صورة الرئيس مع تحيات شركة .....
إذا استمر الأمر بهذه الصورة سنفوق العالم الثالث اجمع ليس في الزراعة ولا في الصناعة ولكن بحرق البخور والتطبيل الذي أكاد أجزم انه لا يعجب الرئيس.
إذا استمر الأمر سينتقل للولاة وما أكثرهم والى المعتمدين وهم ستة أضعاف الولاة. لإخواننا المصريين مثل( رزق الهبل على المجانين) ما من شك أن هناك مستفيدون بائعوا وصانعوا اللوحات ولكن الوسطاء هم الرابح الأكبر.
إذا استمر الأمر هكذا أخشى أن لا نجد مكاناً نعلق عليه صورة.
الاحداث مايو 2009 م

ليست هناك تعليقات: